للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الدنيا ظنٌّ يُذَمُّ اتباعُه.

قالوا: ومن العجب أنكم قِسْتم أعداءَ الله على أوليائه في جريان القصاص بينهم، فقتلتم ألفَ وليٍّ لله قتلوا نصرانيًّا واحدًا يجاهرهم بسبِّ الله ورسوله وكتابه علانية، ولم تقيسوا مَن ضرَبَ رأس رجل بدبُّوس (١)، فنثَر دماغه بين يديه، على مَن طعنه بمِسَلَّة (٢)، فقتَلَه!

قالوا: وسنبيِّن لكم من تناقض أقيستكم واختلافها وشدة اضطرابها ما يبيِّن أنها من عند غير الله.

قالوا: والله تعالى لم يكِلْ بيانَ شريعته إلى آرائنا وأقيستنا واستنباطنا، وإنما وكَلَها إلى رسوله المبيِّن عنه. فما بيَّنه عنه وجب اتباعه، وما لم يبيِّنه فليس من الدين. ونحن نناشدكم الله: هل اعتمادكم في هذه الأقيسة الشَّبَهية والأوصاف الحدسية التخمينية على بيان الرسول، أم على آراء الرجال وظنونهم وحدسهم؟ قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، فأين بيَّن الرسول (٣) - صلى الله عليه وسلم - أنِّي إذا حرَّمتُ شيئًا أو أوجبتُه أو أبحتُه، فاستخرِجوا وصفًا مَّا شبهيًّا جامعًا بين ذلك وبين جميع ما سكتُّ عنه، فألحِقوه به، وقِيسوا عليه؟

قالوا: والله تعالى قد نهى عن ضرب الأمثال له، فكما لا تُضرَب له الأمثال لا تُضرَب لدينه. وتمثيلُ ما لم ينُصَّ على حكمه بما نصَّ عليه لشبهٍ


(١) الدبُّوس: عمود على شكل هراوة مدملكة الرأس (المعجم الوسيط).
(٢) هي المخيط الكبير.
(٣) ع: "النبي"، وكذا في النسخ المطبوعة.