للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سكتُّ عنه على ما تكلَّمتُ بإيجابه أو تحريمه أو إباحته، سواء كان الجامع بينهما علّةً أو دليلَ علّةٍ أو وصفًا شَبَهيًّا (١)، فاستعمِلوا ذلك كلَّه، وانسُبوه إليَّ وإلى رسولي وإلى ديني، واحكموا به عليَّ"!

قالوا: وقد أخبر سبحانه: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦]، وأخبر رسوله: "أنَّ الظنَّ أكذَبُ الحديث" (٢)، ونهى عنه. ومن أعظم الظنِّ ظنُّ القيَّاسين (٣)، فإنهم ليسوا على يقين أن الله سبحانه حرَّم بيعَ السِّمسِم بالشَّيرج، والحلوى بالعنب، والنَّشا بالبُرّ. وإنما هي ظنون مجرَّدة لا تغني من الحق شيئًا.

قالوا: وإن لم يكن قياس الضُّراط على "السلام عليكم" من الظن الذي نُهينا عن اتباعه وتحكيمه، وأُخبرنا أنه لا يغني من الحق شيئًا= فليس في الدنيا ظن باطل، فأين الضراط من "السلام عليكم"! وإن لم يكن قياسُ الماء الذي لاقى الأعضاء الطاهرة الطيبة عند الله، في إزالة الحدث، على الماء الذي لاقى أخبثَ العَذِرات والميتات والنجاسات= ظنًّا، فلا ندري ما الظنُّ الذي حرَّم الله سبحانه القولَ به، وذمَّه في كتابه، وسلَخه من الحق. وإن لم يكن قياسُ أعداء الله ورسوله من عُبَّاد الصُّلبان [١٣٧/ب] واليهود الذين هم أشدُّ الناس عداوةً للمؤمنين، على أوليائه وخيارِ خلقه وساداتِ الأمة وعلمائها وصلحائها، في تكافؤ دمائهم وجَرَيانِ القصاص بينهم (٤) = فليس


(١) في المطبوع: "شبيهًا"، ولعله خطأ مطبعي.
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٦٤) ومسلم (٢٥٦٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) في النسخ المطبوعة: "القياسيين".
(٤) يعني: ظنًّا، وكأنه ساقط سهوًا.