للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البول، فنجَّستم الثاني دون الأول. وتركتم محضَ القياس، ولم (١) تقيسوا الجانب الشرقي من غدير كبير في غربيِّه نجاسةٌ على الجانب الشمالي والجنوبي، وكلُّ ذلك مماسٌّ لما قد تنجَّس عندكم مماسّة مستوية.

وقاسوا باطن الأنف على ظاهره في غسل الجنابة، فأوجبوا الاستنشاق. ولم يقيسوه عليه في الوضوء [١٦٢/ب] الذي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه بالاستنشاق نصًّا (٢)، ففرَّقوا بينهما، وأسقطوا الوجوب في محلَّ الأمر به، وأوجبوه في غيره. والأمرُ بغسل الوجه في الوضوء كالأمر بغسل البدن في الجنابة سواء.

ومن ذلك: أنكم قستم النسيان على العمد في الكلام في الصلاة، وفي فعل المحلوف عليه ناسيًا، وفيما يوجب الفدية من محظورات الإحرام كالطيب واللباس والحلق والصيد، وفي حمل النجاسة في الصلاة. ثم فرَّقتم بين النسيان والعمد في السلام قبل تمام الصلاة، وفي الأكل والشرب في الصوم، وفي ترك التسمية على الذبيحة، وفي غير ذلك من الأحكام.

وقستم الجاهل على الناسي في عدّة مسائل، وفرَّقتم بينهما في مسائل أخر. ففرَّقتم بينهما فيمن نسي أنه صائم فأكل أو شرب، لم يبطل صومه؛ ولو


(١) في النسخ المطبوعة: «فلم».
(٢) رواه أحمد (١٦٣٨٠، ١٦٣٨٣)، وأبو داود (١٤٢، ٢٣٦٦)، والترمذي (٧٨٨) ــ وصححه ــ، وابن ماجه (٤٠٧)، والنسائي (٨٧) من حديث لقيط بن صَبِرة - رضي الله عنه - مرفوعًا. وصححه أيضًا ابن خزيمة (١٥٠، ١٦٨)، وابن حبان (١٦٠٠، ٤٣٣٧، ٦١٠٠)، والحاكم (١/ ١٤٧ - ١٤٨، ٤/ ١١٠)، وابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٥٩٢، ٥٩٣)، وابن حجر في «الإمتاع» (ص ٥٠)، وغيرُهم.