للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهِل فظنَّ وجودَ الليل فأكل أو شرب فسد صومه؛ مع أن الشريعة تعذِر الجاهل، كما تعذِر الناسي أو أعظم. كما عذَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسيءَ في صلاته بجهله بوجوب الطمأنينة، فلم يأمره بإعادة ما مضى (١). وعذر المستحاضةَ (٢) بجهلها بوجوب الصلاة والصوم عليها مع الاستحاضة، ولم يأمرها بإعادة ما مضى (٣). وعذَر عديَّ بن حاتم بأكله في رمضان حين تبيَّن له الخيطان اللذان (٤) جعلهما تحت وسادته، ولم يأمره بالإعادة (٥). وعذَر أبا ذرٍّ بجهله بوجوب الصلاة إذا عدم الماء، فأمره بالتيمم، ولم يأمره بالإعادة (٦).

وعذَر الذين تمعَّكوا في التراب كتمعُّك الدابة، لما سمعوا


(١) أخرجه البخاري (٧٥٧) ومسلم (٣٩٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في النسخ المطبوعة: «الحامل المستحاضة» بزيادة «الحامل».
(٣) رواه أبو داود (٢٨٧)، والترمذي (١٢٨)، وابن ماجه (٦٢٢) من حديث حمنة بنت جحش - رضي الله عنها - وفيه قولها: «فقد منعتني الصيام والصلاة ... ». وأصل الحديث عند أحمد (٢٧١٤٤، ٢٧٤٧٤، ٢٧٤٧٥)، وابن ماجه (٦٢٧) أيضًا، لكن ليس عندهما محلّ الشاهد منه. وصححه الإمام أحمد والترمذي، وحسّنه البخاري. ويُنظر: «العلل الكبير» للترمذي (٧٤)، و «العلل» لابن أبي حاتم (١٢٣)، و «العلل» للدارقطني (١٥/ ٣٦٣)، و «السنن الكبير» للبيهقي (١/ ٣٣٨ - ٣٤٠)، و «تحفة الأشراف» للمزي (١١/ ٢٩٣)، و «تهذيب الكمال» له (٣٥/ ١٥٨ - ١٥٩)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (١/ ٤٠٣ - ٤٠٦)، و «تعليقته على العلل لابن أبي حاتم» (ص ١٢٠ - ١٢٤)، و «البدر المنير» لابن النحوي (٣/ ٥٧ - ٦٦).
(٤) ما عدا ع: «اللذين».
(٥) أخرجه البخاري (١٩١٦) ومسلم (١٠٩٠).
(٦) رواه أحمد (٢١٣٧١، ٢١٥٦٨)، وأبو داود (٣٣٢)، والترمذي (١٢٤) ــ وصححه ــ، من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذرّ - رضي الله عنه - مرفوعًا .. ورواه أحمد (٢١٣٠٤، ٢١٣٧١)، وأبو داود (٣٣٣) من طريق ابن سيرين، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذرّ به. والعامريُّ هذا هو عمرُو بن بُجْدان نفسُه، وقد وثقه العجلي وابن حبان، وصحح حديثَه هذا أيضًا ابن خزيمة (٢٢٩٢) ــ لكنه اختصره، ولم يَسُقْ محلّ الشاهد منه ــ، وابن حبان (١٠٣٧، ١٠٣٨، ٤٣٣٩)، والحاكم (١/ ١٧٦ - ١٧٧)، والجورقاني في «الأباطيل» (١/ ٥٠٨).
والحديث عند النسائي (٣٢٢) مختصرًا، لكن غلط شيخُ شيخِه (مخلدُ بن يزيدَ) حينَ عيَّن اسم العامريِّ من طريق أبي قلابة! وراج غَلَطُه على ابن حبان (١٠٣٨)، وعلى الجورقاني في «الأباطيل» (١/ ٥٠٨ - ٥٠٩). ويُنظر للفائدة: «العلل» لابن أبي حاتم (١)، و «العلل» للدارقطني (٦/ ٢٥٢ - ٢٥٤، ٨/ ٩٣)، و «السنن الكبير» للبيهقي (١/ ٢١٢)، و «الفصل للوصل المدرج في النقل» للخطيب (٢/ ٩٣٢ - ٩٥١)، و «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (٣/ ٣٢٧ - ٣٢٨، ٥/ ٢٦٦ - ٢٦٧)، و «البدر المنير» لابن النحوي (٢/ ٦٥٠ - ٦٥٧).