للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشتُرِط أن يرجع إليه مثلُ بذره كما يرجع إلى ربِّ المال مثلُ ماله. فتركوا القياس كما تركوا موجَب السنة الصحيحة الصريحة وعمل الصحابة كلِّهم.

وقستم إجارة الحيوان للانتفاع بلَبَنه على إجارة الخبز للأكل. وهذا من أفسد القياس، وتركتم محض القياس وموجَب القرآن، [١٦٥/أ] فإن الله سبحانه قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]. فقياسُ الشاة والبقرة والناقة للانتفاع بلبنها على الظئر أصح وأقرب إلى العقل من قياس ذلك على إجارة الخبز للأكل، فإن الأعيان المستخلفة شيئًا بعد شيء تجري مجرى المنافع، كما جرت مجراها في المنيحة والعارية والضمان بالإتلاف. فتركتم محض القياس، وقستم على ما لا خفاء بالفرق بينه وبينه. وهو أن الخبز والطعام تذهب جملُته بالأكل ولا يخلُفه غيره، بخلاف اللبن ونفع (١) البئر، وهذا من أجلى القياس.

وقستم الصَّداق على ما يقطع فيه يد السارق، وتركتم محض القياس وموجَب السنة، فإنه عقدُ معاوضة، فيجوز بما يتراضى عليه المتعاوضان ولو خاتمٍ (٢) من حديد.

وقستم الرجلَ يسرق العينَ ثم يملكها بعد ثبوت القطع، على ما إذا ملكها قبل ذلك. وتركتم محضَ القياس وموجَب السنة، فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم


(١) في النسخ المطبوعة: «نقع» بالقاف، تصحيف.
(٢) يعني: «ولو بخاتم». وانظر: «شرح التسهيل» (٣/ ١٩١). وفي النسخ المطبوعة: «خاتمًا» بالنصب وهو أشهر. وأثبت ما في النسخ الخطية استئناسًا بما جاء في نسخ «كتاب الروح» (٢/ ٣٩٦): « ... إذا فعله من يحصل المقصودُ بفعله، ولو واحدٌ» بردِّ «واحد» على «مَن».