للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقاسُوا (١) الكافرَ الذميَّ والمعاهِدَ على المسلم في قتله به، ولم يقيسوه على الحربي في إسقاط القود. ومن المعلوم قطعًا أنّ الشَّبه الذي بين المعاهد والحربي أعظم من الشَّبه الذي بين الكافر والمسلم. والله سبحانه قد سوَّى بين الكفار كلِّهم في إدخالهم جهنم (٢)، وفي قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين، وفي عدم التوارث بينهم وبين المسلمين، وفي منع قبول شهادتهم على المسلمين، وغير ذلك؛ وقطَع المساواة بين المسلمين والكفار. فتركتم محض القياس ــ وهو التسويةُ بين ما سوَّى الله بينه ــ وسوَّيتم بين ما فرَّق الله بينه.

ومن العجب أنكم قستم المؤمن على الكافر في جرَيان القصاص بينهما في النفس والطَّرَف، ولم تقيسوا العبد المؤمن على الحُرِّ في جرَيان القصاص بينهما في الأطراف، فجعلتم حرمةَ عدو الله الكافر في أطرافه أعظمَ من حرمة وليِّه المؤمن. وكأنَّ نقصَ العبودية (٣) الموجِبَ للأجرين عند الله أنقصُ عندكم من نقص الكفر!

وقلتم: يُقتَل الرجل بالمرأة. ثم ناقضتم، فقلتم: لا يؤخذ طرفه بطرفها.

وقلتم: يقتل العبد بالعبد وإن كانت قيمة أحدهما مائة درهم، وقيمة الآخر مائة ألف درهم (٤). ثم ناقضتم، فقلتم: لا يؤخذ طرفه (٥) بطرفه، إلا أن


(١) في النسخ المطبوعة: «وقستم»، وكذا «ولم تقيسوه» فيما بعد، خلافًا للنسخ الخطية.
(٢) في النسخ المطبوعة: «نار جهنم».
(٣) في النسخ المطبوعة: «نقص المؤمن العبودية» بإقحام كلمة «المؤمن» في غير محلِّها. وقد ضبط «نقص» في ح بالضم، يعني: «وكان نقصُ».
(٤) «درهم» من ت، ع.
(٥) في النسخ المطبوعة: «طرفها»، وهو خطأ.