للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتساوى قيمتهما. فتركتم محض القياس، فإنَّ الله سبحانه ألغى التفاوت بين النفوس والأطراف في الفضل لمصلحة المكلَّفين، ولعدم ضبط التساوي. فألغيتم ما اعتبره الله سبحانه من الحكمة والمصلحة، واعتبرتم ما ألغاه [١٦٦/أ] من التفاوت.

وقستم قوله: «إن كلَّمتُ فلانًا أو بايعتُه، فامرأتي طالق وعبدي حرّ» على ما إذا قال: «إن أعطيتِني ألفًا فأنتِ طالق». ثم عدَّيتم ذلك إلى قوله: «الطلاق يلزمني لا أكلِّم فلانًا»، ثم كلَّمه. ولم تقيسوه على قوله: «إن كلَّمتُ فلانًا فعليَّ صومُ سنة، أو حجٌّ إلى بيت الله، أو فمالي صدقة»، وقلتم: هذا يمين، لا تعليق مقصود. فتركتم محض القياس، فإن قوله: «الطلاق يلزمني لا أكلِّم فلانًا» يمين، لا تعليق.

وقد أجمع الصحابة على أن قصد اليمين في العتق يمنع من وقوعه، وحكى غيرُ واحد إجماع الصحابة أيضًا على أن الحالف بالطلاق لا يلزمه الطلاق إذا حنَث. وممن حكاه: أبو محمد بن حزم (١). وحكاه أبو القاسم (٢) عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد بن علي التَّيمي (٣) المعروف بابن بَزِيزة (٤) في


(١) في «المحلَّى» (٩/ ٤٧٨ - دار الفكر).
(٢) كذا وقع هنا وفي «الصواعق المرسلة» (٢/ ٦١٥). وإنما ذكروا أنه يكنى أبا محمد وأبا فارس، والأول أشهر. انظر: «كفاية المحتاج» (١/ ٢٨٦).
(٣) في النسخ المطبوعة ومعظم مراجع ترجمة المذكور: «التميمي». والصواب ما أثبت من النسخ الخطية. فإنه قرشي، فكيف يكون تميميًّا!
(٤) ضبط في س بضم الباء، وهو خطأ. وهو عالم تونسي (٦٠٦ - ٦٦٢) من أعيان المذهب المالكي. من مؤلفاته: شرح «الإرشاد» للجويني و «روضة المستبين في شرح كتاب التلقين» للقاضي عبد الوهاب ــ وهو مطبوع، وتفسير جمع فيه بين كتابي الزمخشري وابن عطية. انظر ترجمته في «كفاية المحتاج» و «نيل الابتهاج» (ص ٢٦٨) و «شجرة النور الزكية» (١/ ٢٧٢ - ٢٧٣).