للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كبش أو بالعكس، فالبيع صحيح. ثم فرَّقتم بأن قلتم: المقصود من الجارية والعبد مختلف، والمقصود من النعجة والكبش [١٦٩/ب] متقارب وهو اللحم. وهذا غير صحيح، فإنَّ الدَّرَّ والنسلَ المقصود من الأنثى لا يوجد في الذكر، وعَسْب الفحل وضِرابه المقصود منه لا يوجد في الأنثى. ثم ناقضتم أبين مناقضة بأن قلتم: لو قال: «بعتك هذا القمحَ»، فإذا هو شعير؛ أو «هذه الأَلْيَةَ»، فإذا هي شحم= لم يصحَّ البيع، مع تقارُب القصد.

وقلتم: لو باعه ثوبًا من ثوبين لم يصحَّ البيع، لعدم التعيين. فلو كانت (١) ثلاثة أثواب، فقال: «بعتُك واحدًا منها» صحَّ البيع. فيالله العجب! كيف أبطلتموه مع قلة الجهالة والغَرر، وصحَّحتموه مع زيادتهما؟ أفترى زيادة الثوب الثالث خفَّفَت الغَرر ورفعت الجهالة؟ وتفريقكم بأن العقد على واحد من اثنين يتضمن الجهالة والتغرير، لأنه قد يكون أحدهما مرتفعًا والآخر رديئًا، فيفضي إلى التنازع والاختلاف. فإذا كانت ثلاثةً، فالثلاثة تتضمَّن الجيد والرديء والوسط، وكأنه (٢) قال: «بعتُك أوسطَها»، وذلك أقلُّ غررًا من بيعه واحدًا من اثنين رديء وجيد، وإذا أمكن حملُ كلام المتعاقدين على الصحة فهو أولى من إلغائه. وهذا الفرق ما زاد المسألة إلا غَررًا وجهالة، فإن النزاع كان يكون في ثوبين فقط، وأما الآن فصار في ثلاثة. وإذا قال: «إنما وقع العقد على الوسط» قال الآخر: «بل على الأدنى، أو على الأعلى».

وقلتم: لو اشترى جاريةً ثم أراد وطأها قبل الاستبراء لم يجُز، ولو تيقّنَّا


(١) ع: «كان». وفي غيرها: «كانوا»!
(٢) في النسخ المطبوعة: «فكأنه».