للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فراغ رحمها بأن كانت بكرًا، أو كانت بائعتها امرأة معه في الدار بحيث تيقَّن أنها غير مشغولة الرحم، أو باعها وقد ابتدأت في الحيضة ونحو ذلك. ثم قلتم: لو وطئها السيِّدُ البارحةَ ثم [١٧٠/أ] زوَّجها منه الغدَ جاز له وطؤها، ورحمها مشتمل على ماء الواطئ (١). فتركتم محض القياس والمصلحة وحكمة الشارع لفرقٍ متخيَّل لا يجدي شيئًا، وهو أن النكاح لما صحَّ كان ذلك حكمًا بفراغ الرحم، فإذا حُكِم بفراغ رحمها جاز له وطؤها. فيقال: يالله العجب! كيف يُحكَم بفراغ رحمها، وهو حديث عهد بوطئها؟ وهل هذا إلا حكم باطل مخالف للحسِّ والعقل والشرع؟ نعم لو أنكم قلتم: «لا يحلُّ له تزويجها (٢) حتى يستبرئها ويحكم بفراغ رحمها» لكان هذا فرقًا صحيحًا وكلامًا متوجهًا. ويقال حينئذ: لا معنى لاستبراء الزوج، فله أن يطأها عقيبَ العقد، فهذا محضُ القياس، وبالله التوفيق.

وقلتم: من طاف أربعة أشواط من السبع، فلم يكمله حتى رجع إلى أهله، إنه يَجبُره بدم، وصحَّ حجُّه، إقامةً للأكثر مقامَ الكُلِّ. فخرجتم عن محض القياس، لأن الأركان لا مدخل للدم في تركها. وما أمر به الشارع لا يكون المكلَّف ممتثِلًا له (٣) حتى يأتي بجميعه، ولا يقوم أكثرُه مقامَ كلِّه، كما لا يقوم الأكثر مقامَ الكُلِّ في الصلاة والصيام والزكاة والوضوء وغسل الجنابة، فهذا هو القياس الصحيح. والمأمور ما لم يفعل ما أُمِرَ به فالخطابُ متوجِّه إليه بعدُ، وهو في عهدته. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يسامح المتوضئَ بتركِ لُمعةٍ


(١) س، ع: «الوطء»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) س: «تزوجها»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: «به».