في محلِّ الفرض لم يصبها الماء، ولا أقام الأكثر مقام الكل. والذي جاءت به الشريعة هو الميزان العادل، وهذا (١) الميزان العائل. وبالله التوفيق.
وقِسْتم الادِّهانَ بالخَلِّ والزيت في الإحرام على الادِّهان بالمسك والعنبر في وجوب الفدية، ويا بعد ما بينهما! [١٧٠/ب] ولم تقيسوا نبيذ التمر على نبيذ العنب مع قرب الأخوة التي بينهما.
وقلتم: لو أفطر في نهار رمضان، فلزمته الكفارة، ثم سافر= لم تسقط عنه، لأن سفره قد يتخذ وسيلةً وحيلةً إلى إسقاط ما أوجب الشرع، فلا تسقط. وهذا بخلاف ما إذا مرض أو حاضت المرأة، فإن الكفارة تسقط، لأن الحيض والمرض ليس من فعله. ثم ناقضتم أعظم مناقضة، فقلتم: لو احتال لإسقاط الزكاة عند آخر الحول، فملَّكَ مالَه لزوجته لحظةً، فلما انقضى الحول استردَّه منها.
واعتذارُكم بالفرق بأن هذا تحيُّلٌ على منع الوجوب، وذاك تحيُّلٌ على إسقاط الواجب بعد ثبوته، والفرق بينهما ظاهر= اعتذارٌ لا يُجدي شيئًا، فإنه كما لا يجوز التحيُّل لإسقاط ما أوجبه الله ورسوله، لا يجوز التحيُّل لإسقاط أحكامه بعد انعقاد أسبابها، ولا تسقط بذلك. وإذا انعقد سبب الوجود لم يكن للمكلَّف إلى إسقاطه بعد ذلك سبيل. وسببُ الوجوب هنا قائم، وهو الغنى بملك النصاب، وهو لم يخرج عن الغنى بهذا التحيُّل، ولا يعدُّه الله ولا رسوله ولا أحد من خلقه ولا نفسُه فقيرًا مسكينًا بهذا التحيُّل يستحقُّ أخذَ الزكاة ولا تجب عليه الزكاة.