للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا من أقبح الخداع والمكر، فكيف يروج على من يعلم خفايا الأمور وخبايا الصدور؟ وأين القياس والميزان والعدل (١) الذي بعث الله به رسوله (٢) إلى (٣) التحيُّل على المحرمات وإسقاط الواجبات؟

وكيف تُخرِج الحيلةُ المَفسدةَ التي في العقود المحرَّمة عن كونها مفسدة؟ أم كيف تقلبها مصلحةً محضةً؟ [١٧١/أ] ومن المعلوم أن المفسدة تزيد بالحيلة ولا تزول، وتتضاعف ولا تضعُف. فكيف تزول المفسدة العظيمة التي اقتضت لعنةَ الله ورسوله للمحلِّل والمحلَّل له بأن يشرُطا (٤) ذلك قبل العقد، ثم يعقدا بنية ذلك الشرط، ولا يشرطاه (٥) في صلب العقد؟ فإذا أخليا صلبَ العقد من التلفظ بشرطه حسبُ، والله ورسوله والناس وهما يعلمون أن العقد إنما عُقِد على ذلك. فيالله العجب! أكانت هذه اللعنة على مجرَّدِ ذكر الشرط في صلب العقد، فإذا تقدَّم على العقد انقلبت اللعنة رحمةً وثوابًا! وهل الاعتبار في العقود إلا بحقائقها ومقاصدها؟ وهل الألفاظ إلا مقصودة لغيرها قصدَ الوسائل؟ فكيف يُضاع المقصود، ويُعدَل عنه في عقدٍ مساوٍ لغيره من كلِّ وجه، لأجل تقديم لفظ أو تأخيره أو إبداله بغيره، والحقيقة واحدة؟ هذا مما تُنَزَّه عنه الشريعةُ الكاملة المشتملة على مصالح العباد في دينهم ودنياهم.


(١) في النسخ الخطية: «العقل»، والمثبت من النسخ المطبوعة.
(٢) س، ت: «رسله»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: «من».
(٤) ت: «شرط». وفي غيرها: «شرطا». وفي النسخ المطبوعة: «يشترطا». وما أثبته أقرب.
(٥) ت، ف: «يشترطاه».