للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكمين معًا، وليس لأحدهما أن ينفرد بالطلاق، مع أنهما وكيلان عند القيَّاسين (١)؛ والله تعالى جعلهما حكمين، ولم يجعل لأحدهما الانفراد، فما بال وكيلي الزوج لأحدهما الانفراد؟ وهل هذا إلا خروج عن محض القياس وموجَب النص؟

وقلتم: لو قال لامرأته «طلِّقي نفسَك»، ثم نهاها في المجلس، ثم طلَّقَتْ نفسها= وقع الطلاق. ولو قال ذلك لأجنبي، ثم نهاه في المجلس، ثم طلَّق= لم يقع الطلاق. فخرجتم عن [١٧٢/ب] موجَب القياس، وفرَّقتم بأن قوله لها تمليك، وقوله للأجنبي توكيل. وقد تقدَّم بطلانُ هذا الفرق قريبًا.

وقلتم: لو وصَّى إلى عبدِ غيره فالوصية باطلة، وإن أجاز سيِّدُه. ولو وكَّل عبدَ غيرِه فالوكالة جائزة، وإن ردَّها السيد، ولكن تُكرَه بدون إذنه.

وقلتم: إذا أوصى بأن يُعتِق عنه عبدًا بعينه، فأعتقه الوارث عن نفسه= وقع عن الميِّت. ولو أعتقه الوصيُّ عن نفسه لم يجُز عن نفسه ولا عن الميِّت. وفرَّقتم بأنّ تصرُّفَ الوارث بحقِّ الملك، فنفذ تصرّفُه وإن خالف الموصي. وتصرُّفُ الوصي بحقِّ الوكالة، فلا يصح فيما خالف الموصي. وهذا فرق لا يصح، فإن تعيين الموصي للعتق في هذا العبد قطَع ملكَ الوارث له، فهو كما لو أوصى إلى أجنبي بعتقه سواء، وإنما ينتقل إلى الوارث من التركة ما زاد على الدَّين والوصية اللازمة.

وقلتم: لو قال: «ثلُثُ مالي لفلان وفلان» وأحدهما ميِّت، فالثلث كلُّه للحيِّ. ولو قال: «بين فلان وفلان»، وأحدهما ميت، فللحيِّ نصفُه. وهذا


(١) في النسخ المطبوعة: «القياسيين» كالعادة.