للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجمعتم بين ما فرَّق الله بينه، فسوَّيتم بين بدنِ أطيبِ المخلوقات وهو وليُّ الله المؤمن، وبين بدنِ أخبثِ المخلوقات وهو عدوه الكافر، فنجَّستم كليهما بالموت. ثم فرَّقتم بين ما جمع الله بينه، فقلتم: لو غُسِل المسلمُ ثم وقع في ماء لم ينجِّسه، ولو غُسِل الكافر ثم وقع في ماء نجَّسه. ثم ناقضتم في الفرق بأن المسلم إنما غُسِل ليصلَّى عليه، فطهُر بالغسل، لاستحالة الصلاة عليه وهو نجِس، بخلاف الكافر. وهذا الفرق ينقض ما أصَّلتموه من أن النجاسة بالموت نجاسة عينية، فلا تزول بالغسل لأن سببها قائم وهو الموت، وزوالُ الحكم مع بقاء سببه ممتنع. فأيُّ القياسَين هو المعتدُّ به في هذه المسألة؟

وفرَّقتم بين ما جمعت السنة والقياس بينهما، فقلتم: لو طلعت عليه الشمس، وقد صلَّى من الصبح ركعةً، بطلت صلاته. ولو غربت عليه الشمسُ، وقد صلَّى من العصر ركعةً، صحَّت صلاته. والسنة الصحيحة الصريحة قد سوَّت بينهما، وتفريقكم بأنه في الصبح خرج من وقت كامل إلى غير وقت (١)، ففسدت صلاته؛ وفي العصر خرج من وقت كامل إلى وقت كامل وهو وقت صلاة، فافترقا. ولو لم يكن في هذا القياس إلا مخالفته لصريح السنَّة (٢) لكفى في بطلانه، فكيف وهو قياس فاسد في نفسه؟ فإن الوقت الذي خرج إليه في الموضعين ليس وقت الصلاة الأولى، فهو ناقص بالنسبة إليها. ولا ينفع كماله بالنسبة إلى الصلاة التي هو فيها.


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة «كامل»، وهي غير صحيحة.
(٢) يقصد حديث أبي هريرة، الذي أخرجه البخاري (٥٥٦) ومسلم (٦٠٨).