للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثوبه نجاسة، لأنه انصرف منها انصرافَ رفض، ونوى الرفض مقارِنًا لانصرافه، فبطلت كما لو سلَّم عامدًا.

وهذا الفرق غير مُجدٍ شيئًا، بل هو فرقٌ بين ما جمعت الشريعة بينهما، فإنه في الموضعين انصرف انصرافًا مأذونًا فيه أو مأمورًا به، وهو معذور في الموضعين. بل هذا الفرق حقيق باقتضائه ضد ما ذكرتم، فإنه إذا ظن أنه لم يتوضأ فانصرافه مأمور به وهو عاصٍ لله بتركه، بخلاف ما إذا ظن أنه قد أتمَّ صلاته فإن انصرافه مباح مأذون له فيه. فكيف تصح الصلاة مع هذا الانصراف، وتبطل بالانصراف المأمور [١٧٨/ب] به؟

ثم إنه أيضًا في انصرافه ظنًّا (١) أنه قد أتم صلاته، ينصرف انصرافَ تركٍ حقيقةً، لأنه يظن أنه قد فرغ منها، فتركُها تركُ مَن قد أكملها. ومن ظنَّ أنه محدِث فإنما تركُها تركُ قاصدٍ لتكميلها (٢)، فهي أولى بالصحة.

وقلتم: لو قال: «لله عليَّ أن أصلِّي ركعتين»، فقال آخر: «وأنا لله عليَّ أن أصلي ركعتين» (٣) = لم يجُز لأحدهما أن يأتمَّ بصاحبه، لأنهما فرضان بسببين، وهو نذرُ كلِّ واحد منهما، ولا يؤدَّى فرضٌ خلف فرضِ آخر. ثم ناقضتم، فقلتم: لو قال الآخر: «وأنا لله عليَّ أن أصلي الركعتين اللتين أوجبتَ على نفسك» جاز لأحدهما أن يأتمَّ بالآخر، لأنه أوجب على نفسه عينَ (٤) ما


(١) س: «ظنَّ». وفي طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ومَن تابعه: «[حين] ظنَّ».
(٢) في النسخ المطبوعة: «لتكملتها».
(٣) ع: «وقلتم: لو قال اثنان: لله عليَّ أن أصلي ركعتين»، وفوق «اثنان» علامة «ظ».
(٤) لفظ «عين» ساقط من ت.