للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ناقضوا في هذا الفرق نفسه أبين مناقضة، فقال أصحاب الثلاث: لو امتدَّ يومين ونصفَ يوم دائمًا لم يكن حيضًا حتى يمتدَّ ثلاثة أيام. وقال أصحاب اليوم: لو امتدَّ من غدوة إلى العصر دائمًا (١) لم يكن حيضًا حتى يمتدَّ إلى غروب الشمس. فخرجوا بالقياس عن محض القياس!

وقلتم: إذا صلَّى جالسًا، ثم تشهَّد في حال القيام سهوًا، فلا سجود عليه. وإن قرأ في حال التشهد فعليه السجود. وهذا فرقٌ بين متساويين من كلِّ وجه.

وقلتم: إذا افتتح الصلاة في المسجد، فظنَّ أنه قد سبقه الحدث، فانصرف [١٧٨/أ] ليتوضأ، ثم علم أنه لم يسبقه الحدث وهو في المسجد= جاز له المضيُّ على صلاته. وكذلك لو ظن أنه قد أتمَّ صلاته، ثم علم أنه لم يُتِمَّ. ثم قلتم: لو ظنَّ أن على ثوبه نجاسة، أو أنه لم يكن متوضئًا، فانصرف ليتوضأ أو يغسل ثوبه، ثم علم أنه كان متوضِّئًا أو طاهرَ الثوب= لم يجُز له البناء على صلاته. ففرَّقتم بين ما لا فرق بينهما، وتركتم محض القياس. وفرَّقتم بأنه لما ظنَّ سبقَ الحدث فقد انصرف من صلاته انصرافَ استيفاء (٢)، لا انصرافَ رفض، فإنه لو تحقَّق ما ظنَّه جاز له المضي، فلم يصِرْ قاصدًا للخروج من الصلاة، فلم يمتنع البناء. وكذلك لو ظنَّ أنه قد أتمَّ صلاته، فلم ينصرف انصراف رفض. وإذا لم يقصد الرفض لم تصر الصلاة مرفوضة، كما لو سلَّم ساهيًا. وليس كذلك إذا ظنَّ أنه لم يتوضأ أو (٣) على


(١) س، ت، ف: «دائمًا أبدًا»، وزاد بعضهم كلمة «أبدًا» في حاشية ح.
(٢) في النسخ المطبوعة: «انصراف استئناف».
(٣) في النسخ المطبوعة: «أو أن».