للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصف العشر. فإن اشتدَّت المؤنة في المال غيره (١) بالتجارة والبيع والشِّراء كلَّ وقت، وحفظِه وكراءِ مخزنه ونقلِه= خُفِّف إلى شطره، وهو رُبع العشر. فهذا من كمال حكمة الشارع في اعتبار كثرة الواجب وقلته. فكيف يجوز له أن يعطي الواجب الأكثر الذي هو أقلُّ مؤنةً وتعبًا وكلفةً لأولاده ويمسكه لنفسه، وقد أضعفه عليه الشارعُ أكثرَ من كلِّ واجب في الزكاة، ومخرجُ الجميع وإيجابه واحد نصًّا واعتبارًا؟ فالتفريق بينهما تفريق بين ما جمعت الشريعة بينهما حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «في الرِّكاز الخُمْس، وفي الرِّقة ربعُ العُشْر» (٢).

وقلتم: لو أودع من لا يعرفه مالًا، فغاب (٣) عنه سنين، ثم عرفه= فلا زكاة عليه، لأنه لا يقدر على ارتجاعه منه؛ فهو كما لو دفنه بمفازة (٤)، ونسيه (٥). ثم ناقضتم فقلتم: لو أودعه من يعرفه، فنسيه سنين، ثم عرفه= فعليه زكاة تلك السنين الماضية كلِّها. [١٧٩/ب] والمال خارج عن قبضته وتصرُّفه، وهو غير قادر على ارتجاعه في الصورتين، ولا فرق بينهما. وقد


(١) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة.
(٢) قوله: «في الركاز الخمس» أخرجه البخاري (١٤٩٩) ومسلم (١٧١٠) من حديث أبي هريرة. والجزء الثاني من الحديث أخرجه البخاري (١٤٥٤) ضمن حديث طويل عن أنس عن أبي بكر. والرِّقَة: الفضة المضروبة نقودًا.
(٣) ت: «ثم غاب».
(٤) ع: «بمغارة» هنا وفيما بعد. وفوقه هنا: «أو بمفازة»، كأن الناسخ شك في أصله. وفي النسخ المطبوعة: «بمغارة»، ولعله تصحيف.
(٥) في النسخ المطبوعة: «فنسيه».