للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صرَّحتم في مسألة المفازة أنه لو دفنه بموضعٍ (١) منها، ثم نسيه، فلا زكاة عليه إذا عرفه بعد ذلك. ولا فرق في هذا بين المفازة وبين المودع بوجه. ثم ناقضتم من وجه آخر، وقلتم: لو دفنه في داره، وخفي عليه موضعُه سنين، ثم عرفه= وجب (٢) عليه الزكاة لما مضى.

وقلتم: لو وجبت (٣) عليه أربع شياه، فأخرج ثنتين سمينتين تُساوي الأربع= جاز. فطردُ قياسكم هذا: أنه لو وجب عليه عشرة أَقْفِزةِ بُرٍّ، فأخرج خمسةً من بُرٍّ مرتفع تُساوي قيمة العشرة التي هي عليه= جاز. وطردُه: لو وجب عليه خمسةُ أبعرةٍ، فأخرج بعيرًا يساوي قيمة الخمسة= أنه يجوز. ولو وجب عليه صاعٌ في الفطرة، فأخرج ربعَ صاع يساوي الصاع الذي لو أخرجه لتأدَّى به الواجب= أنه يجوز. فإن طردتم هذا القياس، فلا يخفى ما فيه من تغيير المقادير الشرعية والعدول عنها، ولزمكم طردُه في أن من وجب عليه عتقُ رقبة، فأعتق عُشْرَ رقبةٍ تساوي قيمةَ رقبةٍ غيرها= جاز؛ ومَن نذر الصدقة بمائة شاةٍ، فتصدَّق بعشرين تساوي قيمة المائة= جاز.

ثم ناقضتم، فقلتم: لو وجب عليه أضحيتان، فذبح واحدًا سمينًا يُساوي وسطين= لم يجز. ثم فرَّقتم بأن قلتم: المقصود في الأضحية: الذبح وإراقة الدم، وإراقة دم واحد لا تقوم مقامَ إراقة دمَين. والمقصود [١٨٠/أ] في الزكاة: سدُّ خَلَّةِ الفقير وهو يحصل بالأجود الأقل، كما يحصل بالأكثر إذا كان دونه.


(١) في النسخ المطبوعة: «في موضع».
(٢) ع: «وجبت»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: «وجب».