للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطردُ قياسكم: أنه لو وجب عليه أربع شياه جياد، فأخرج عشرةً من أردأ الشياه وأهزلها وقيمتُهن قيمة الأربع؛ أو وجب عليه أربعُ حِقاقٍ (١) جيادٍ، فأخرج عشرين ابنَ لبونٍ (٢) من أردأ الإبل وأهزلها= أنه يجوز. فإن منعتم ذلك نقضتم القياس، وإن طردتموه تيمَّمتم الخبيث منه تنفقون، وسلَّطتم ربَّ المال على إخراج رديئه ومعايبه عن جيده، والمرجعُ في التقويم إلى اجتهاده. وفي هذا من مخالفة الكتاب والميزان ما فيه.

وفرَّقتم بين ما جمع الشارع بينه، وجمعتم بين [١٨١/أ] ما فرَّق بينه. أما الأول فقلتم: يصح صومُ رمضان بنيَّة من النهار قبل الزوال، ولا يصح صوم الظهار وكفارة الوطء في رمضان وكفارة القتل إلا بنيَّةٍ من الليل. وفرَّقتم بينهما بأن صوم رمضان لمَّا كان معيَّنًا بالشرع أجزأ بنيّةٍ من النهار، بخلاف صوم الكفارة. وبنيتم على ذلك أنه لو قال: «لله عليَّ صومُ يوم»، فصامه بنيةٍ قبل الزوال= لم يجزئه. ولو قال: «لله عليَّ أن أصوم غدًا»، فصامه بنيّة قبل الزوال= جاز. وهذا تفريقٌ بين ما جمع الشارع بينه من صوم الفرض، وأخبر أنه لا صيام لمن لم يبيِّته من الليل (٣).


(١) جمع الحِقِّ والحِقَّة من الإبل، وهو ما طعن في السنة الرابعة.
(٢) ابن لبون: ولد الناقة إذا دخل في السنة الثالثة.
(٣) رواه أحمد (٢٦٤٥٧)، وأبو داود (٢٤٥٤)، والترمذي (٧٣٠)، وابن ماجه (١٧٠٠)، والنسائي (٢٣٣١ - ٢٣٣٤) من حديث حفصة - رضي الله عنها - مرفوعًا. ورواه النسائي (٢٣٣٥ - ٢٣٤١) عنها موقوفًا، ورواه (٢٣٤٢، ٢٣٤٣) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - موقوفًا. وقد صححه ابن خزيمة (١٩٣٣) وغيرُ واحدٍ من الحفاظ. لكن رجّح البخاري والترمذي وأكثر الأئمّة النقّاد وقفَ الحديثِ على حفصةَ. ويُنظر: «التاريخ الأوسط» للبخاري (٢/ ٧٨٦ - ٧٩٤)، و «العلل الكبير» للترمذي (٢٠٢)، و «السنن الكبرى» للنسائي (عقب الحديث ٢٦٦١)، و «العلل» لابن أبي حاتم (٦٥٤)، و «العلل» للدارقطني (١٣/ ١٣٤، ١٥/ ١٩٣ - ١٩٤)، و «تنقيح التحقيق» (٣/ ١٧٧ - ١٨٤)، و «إرواء الغليل» (٩١٤).