للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جامع في الصوم ناسيًا لم يفسد صومه، ولو جامع المعتكف ناسيًا فسد اعتكافه (١). وفرَّقتم بينهما بأن الجماع من محظورات الاعتكاف، ولهذا لا يباح ليلًا ولا نهارًا، وليس من محظورات الصوم لأنه يباح ليلًا.

وهذا فرق فاسد جدًّا، لأن الليل ليس محلًّا للصوم، فلم يحرَّم فيه الجماع، وهو محلٌّ للاعتكاف فحرِّم فيه الجماع. فنهار الصائم كليل المعتكف في ذلك، ولا فرق بينهما، والجماع محظور في الوقتين؛ ووِزانُ ليل الصائم اليومُ الذي يخرج فيه المعتكف من اعتكافه. فهذا هو القياس المحض، والجمعُ بين ما جمع الله بينه، والتفريق بين ما فرَّق الله بينه. وبالله التوفيق.

وقلتم: لو دخل عرفةَ في طلب بعير له أو حاجة، ولم ينوِ الوقوفَ= أجزأه عن الوقوف. ولو دار حول البيت في طلب شيء سقط منه، ولم ينو الطواف= لم يجزئه. وهذا خروج عن محض القياس.

وفرَّقتم بفرقٍ فاسدٍ (٢)، فقلتم: المقصود الحصول (٣) بعرفة في هذا الوقت [١٨٢/أ] وقد حصل؛ بخلاف الطواف، فإن المقصود العبادة ولا تحصل إلا بالنية. فيقال: والمقصود بعرفة العبادة أيضًا، فكلاهما ركن مأمور به، ولم ينوِ المكلَّف امتثالَ الأمر لا في هذا ولا في هذا، فما الذي صحَّح هذا وأبطل هذا؟


(١) ما عدا ع: «صومه»، وهو خطأ.
(٢) في النسخ المطبوعة: «تفريقًا فاسدًا».
(٣) في النسخ المطبوعة: «الحضور».