للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما تنبَّه بعض القيَّاسين (١) لفساد هذا الفرق عدل إلى فرق آخر، فقال: الوقوف ركن يقع في نفس الإحرام، فنية الحج تشتمل (٢) عليه، فلا يفتقر إلى تجديد نية، كأجزاء الصلاة من الركوع والسجود تنسحب عليها نية الصلاة. وأما الطواف فيقع خارج العبادة (٣)، فلا تشتمل عليه نية الإحرام، فافتقر إلى النية.

ونحن نقول لأصحاب هذا الفرق: رُدُّونا إلى الأول، فإنه أقلُّ فسادًا وتناقضًا من هذا. فإن الطواف والوقوف كلاهما جزء من أجزاء العبادة، فكيف تضمَّنت نيّةُ العبادة (٤) لهذا الركن دون هذا؟ وأيضًا فإن طواف المعتمر يقع في الإحرام. وأيضًا فطواف الزيارة يقع في بقية الإحرام، فإنه إنما حلَّ من إحرامه قبله تحلُّلًا أولَ ناقصًا، والتحلُّل الكامل موقوف على الطواف.

وفرَّقتم بين ما جمعت السنة والقياس بينهما، فقلتم: إذا أحرم الصبيُّ، ثم بلَغ، فجدَّد إحرامه قبل أن يقف بعرفة= أجزأه عن حجة الإسلام. وإذا أحرم العبد، ثم عتَق، فجدَّد إحرامه= لم يجزئه عن حجة الإسلام. والسنة قد سوَّت بينهما، وكذا القياس، فإنَّ إحرامهما قبل العتق والبلوغ (٥) صحيح،


(١) في النسخ المطبوعة: «القياسيين» كالعادة.
(٢) ع: «مشتملة»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) ع: «الإحرام».
(٤) ع: «تضمنت جزءًا من أجزاء العبادة». وكذا في النسخ المطبوعة.
(٥) ع: «البلوغ والعتق». وكذا في النسخ المطبوعة.