للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو سبب للثواب. وقد صارا (١) من أهل وجوب الحج قبل الوقوف بعرفة، فأجزأهما عن حجة الإسلام، كما لو لم يوجد منهما إحرام [١٨٢/ب] قبل ذلك. فإنَّ غاية ما وُجد منهما من الإحرام أن يكون وجوده كعدمه، فوجودُ الإحرام السابق على العتق لم يضرَّه شيئًا بحيث يكون عدمه أنفع له من وجوده. وتفريقُكم بأن إحرام الصبيِّ إحرامُ تخلُّق وعادة، وبالبلوغ انعدم ذلك، فصح منه الإحرام عن حجة الإسلام؛ وأما العبد فإحرامه إحرام عبادة، لأنه مكلَّف، فصح إحرامه موجِبًا فلا يتأتَّى له الخروج منه حتى يأتي بموجَبه= فرقٌ فاسد، فإن الصبي يثاب (٢) على إحرامه بالنص، وإحرامه إحرام عبادة ــ وإن كانت لا تسقط الفرض ــ كإحرام العبد سواء.

وفرَّقتم بين ما جمع القياس الصحيح بينه، فقلتم: لو قال: «أحِجُّوا فلانًا حجّةً»، فله أن يأخذ النفقة ويأكل بها ويشرب، ولا يحُجَّ. ولو قال: «أحِجُّوه عنِّي»، لم يكن له أن يأخذ النفقة إلا بشرط الحج. وفرَّقتم بأن في المسألة الأولى أخرج كلامه مخرجَ الإيصاء بالنفقة له، وكأنه أشار عليه بالحج، ولا حقَّ للمُوصي في الحج الذي يأتي به. فصحَّحنا الوصية بالمال، ولم نُلزِم (٣) الموصَى له بما لا حقَّ للموصي فيه. وأما في المسألة الثانية فإنما قصد أن يعود نفعه إليه بثواب النفقة في الحج، فإن لم يحصل له غرضه لم تنفذ الوصية. وهذا الفرقُ نفسه هو المبطِل للفرق بين المسألتين، فإنه بتعيين (٤)


(١) ما عدا ع: «صار»، وفي ع: «صارا» مع علامة الضرب على الألف.
(٢) ع: «مثاب»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) يحتمل قراءة «يُلزَم».
(٤) س، ت: «بتعين»، وكذا في النسخ المطبوعة.