للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باعترافه. وإذا أقرَّ بأنها طالق أمسِ لم يلزم بطلان النكاح اليوم، لجواز أن يكون المطلِّق الأول قد طلَّقها أمسِ قبل الدخول، فتزوَّج هو بها اليوم.

قلنا: إذا كانت المسألة على هذا الوجه، فلا بدَّ أن يقول: «أنت طالق أمسِ من غيري»، أو ينوي ذاك، فينفعَه حيث يُديَّن (١). فأما إذا أطلق فلا فرق بين العتق والطلاق.

فإن قيل: يمكن أن يطلِّقها بالأمس، ثم يتزوجها اليوم.

قيل: هذا يمكن في الطلاق الذي لم يُسْتَوفَ إذا كان مقصوده الإخبار، فأما إذا قال: «أنتِ طالق أمسِ ثلاثًا» ولم يقل: «من زوجٍ كان قبلي»، ولا نواه= فلا فرق أصلًا بين ذلك [١٨٣/ب] وبين قوله للعبد: «أنت حُرٌّ أمس». فهذا التفصيل هو محض القياس، وبالله التوفيق.

وجمعتم بين ما فرَّقت السنة بينهما، فقلتم: يجب على البائن الإحداد، كما يجب على المتوفَّى عنها، والإحداد لم يكن (٢) لأجل العِدَّة، وإنما كان لأجل موت الزوج. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نفى وأثبت، وخصَّ الإحداد بالمتوفَّى عنها (٣). وقد فارقت المبتوتةَ في وصف العدَّة، وقدرها، وسببها. فإنَّ سببها الموت، وإن لم يكن الزوج دخل بها. وسبب عدَّة البائن الفراق وإن كان


(١) من ديَّنَ الحالفَ، أي نوَّاه فيما حلف. وديَّن الرجلَ في القضاء وفيما بينه وبين الله: صدَّقه. انظر: «التاج» (٣٥/ ٦٠).
(٢) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «من ذلك».
(٣) ع: «عنها زوجها»، وكذا في النسخ المطبوعة. وانظر في إحداد المتوفى عنها زوجها حديث أم حبيبة، أخرجه البخاري (١٢٨٠) ومسلم (١٤٨٦).