للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقدُ قربة مقتضاه التقرُّب إلى الله، ولا ريب أن شرط ما يخالف القربة يناقضه مناقضة صريحة.

فإذا شرط عليه الصلاةَ في مكان لا يصلِّي فيه إلا هو وحده، أو واحد بعد واحد أو اثنان، فعدولُه عن الصلاة في المسجد الأعظم الذي يجتمع فيه جماعة المسلمين مع قِدَمِه وكثرة جماعته، فيتعدَّاه إلى مكانٍ أقلَّ جماعةً، وأنقصَ فضيلةً، وأقلَّ أجرًا، اتباعًا لشرط الواقف المخالف لمقتضى عقد الوقف= خروجٌ عن محض القياس. وبالله التوفيق.

يوضِّحه أن المسلمين مجمعون على أن العبادة في المساجد من الذكر والصلاة وقراءة القرآن أفضل منها عند القبور. فإذا منعتم فعلَها في بيوت الله، وأوجبتم على الموقوف عليه فعلَها بين [١٩٠/ب] المقابر إن أراد أن يتناول الوقف، وإلّا تناوَلَه (١) حرامًا= كنتم قد ألزمتموه بترك الأحبِّ إلى الله الأنفَعِ للعبد، والعدولِ إلى الأبغَض (٢) المفضول أو المنهيِّ عنه، مع مخالفته لقصدِ الشارع تفصيلًا، وقصدِ الواقف إجمالًا، فإنه إنما يقصد الأرضى لله والأحبَّ إليه، ولمَّا كان في ظنه أن هذا أرضى لله اشترطه. فنحن نظرنا إلى مقصوده ومقصود الشارع، وأنتم نظرتم إلى مجرَّد لفظه، سواء وافق رضى الله (٣) ورسوله ومقصودَه في نفسه أم (٤) لا.


(١) كذا في النسخ الخطية. وفي طرّة ع: «يكون» مع علامة «ظ» فوقها. وذلك لقراءة الكاتب «تناوُلُه» مصدرًا. ومن هنا أيضًا جاء في النسخ المطبوعة: «كان تناولُه».
(٢) ت: «الأنقص»، وكذا في النسخ المطبوعة. وفي ع: «بعض». والصواب ما أثبت من غيرهما، وهو المقابل لقوله: «الأحب إلى الله».
(٣) ت: «سواء كان موافقًا لرضى الله».
(٤) ع: «أو»، وكذا في النسخ المطبوعة.