للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لا يمكنكم طرد ذلك أبدًا، فإنه لو شرَط أن يصلِّي وحده، حتى لا يخالط الناس، بل يتوفَّر على الخلوة والذكر؛ أو شرَط أن لا يشتغل بالعلم والفقه ليتوفَّر على قراءة القرآن وصلاة الليل وصيام النهار، أو شرط على الفقهاء أن لا يجاهدوا في سبيل الله، ولا يصوموا تطوعًا، ولا يصلُّوا النوافل، وأمثال ذلك= فهل يمكنكم تصحيح هذه الشروط؟ فإن أبطلتموها ففعلُ (١) النكاح أفضل من بعضها، أو مساوٍ له في أصل القربة. وفعلُ الصلاة في المسجد الأعظم العتيق الأكثر جماعة أفضل. وذكرُ الله وقراءة القرآن في المسجد أفضل منه بين القبور. فكيف تُلزمون بهذه الشروط المفضولة، وتُبطلون تلك (٢)؟ فما هو الفارق بين ما يصح من الشروط وما لا يصح؟

ثم لو شرط المبيتَ في المكان الموقوف ولم يشرط (٣) التعزُّبَ، فأبحتم له التزوجَ، فطالبته الزوجةُ بحقِّها من المبيت، وطالبتموه بشرط الواقف منه، فكيف تقسمونه بينهما؟ أم ماذا تقدِّمون: ما أوجبه الله ورسوله من المبيت والقَسْم للزوجة [١٩١/أ] مع ما فيه من مصلحة الزوجين، وصيانة المرأة وحفظها، وحصولِ الإيواء المطلوب من النكاح؛ أم ما شرطه الواقف، وتجعلون شرطَه أحقَّ، والوفاءَ به ألزم؟ أم تمنعونه من النكاح، والشارعُ والواقفُ لم يمنعاه منه؟ فالحقُّ أن مبيته عند أهله إن كان أحبَّ إلى الله ورسوله جاز له، بل استُحِبَّ تركُ شرط الواقف لأجله، ولم يمنعه فعلُ ما (٤)


(١) في النسخ المطبوعة: «فعقد».
(٢) ع: «ذلك»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) ع: «يشترط»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) ع: «وأما منعه ما»، وفي طرتها: «في الأصل: ولم يمنعه». والظاهر أن ناسخها حاول إقامة النص دون جدوى.