للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاء والشرع. وجعلوا كلَّ مقدور فهو (١) عدل، والظلمُ عندهم هو الممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين.

وهذا وإن كان قاله طائفة من أهل الكلام المنتسبين إلى السنَّة في إثبات القدر، وخالفوا القدرية النُّفاة (٢)، فقد أصابوا في إثبات القدر وتعلُّقِ (٣) المشيئة الإلهية بأفعال العباد الاختيارية كما تتعلَّق بذواتهم وصفاتهم، وأصابوا في بيان (٤) تناقض القدرية النفاة؛ ولكن ردُّوا من الحقِّ المعلوم بالعقل والفطرة والشرع ما سلَّطوا عليهم به خصومَهم، وصاروا [٢٠٢/ب] ممن ردَّ بدعة ببدعة، وقابلَ الفاسد بالفاسد، ومكنوا خصومهم بما نفَوه من الحقِّ من الردِّ عليهم، وبيان تناقضهم، ومخالفتهم للشرع (٥) والعقل.

فصل (٦)

الفرقة الثالثة: قوم نفوا الحكمة والتعليل والأسباب، وأقرُّوا بالقياس كأبي الحسن الأشعري وأتباعه، ومن قال بقوله من الفقهاء أتباع الأئمة. وقالوا: إن عِلَلَ الشرع إنما هي مجرَّد أمارات وعلامات محضة، كما قالوه في ترك الأسباب. وقالوا: إن الدعاء علامة محضة على حصول المطلوب، لا أنه سبب فيه. والأعمال الصالحة والقبيحة علامات محضة ليست سببًا


(١) ت: «هو».
(٢) في النسخ المطبوعة: «والنفاة».
(٣) في النسخ المطبوعة: «وتعليق»، ولعل من غيَّر ظنَّ أن «تعلّق» معطوف على «إثبات».
(٤) في النسخ المطبوعة: «إثبات».
(٥) ع: «الشرع»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٦) انظر: «جامع المسائل» (٢/ ٢٧٧ - ٢٧٨).