للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في حصول الخير والشر. وكذلك جميع ما وجدوه من الخلق والأمر مقترنًا بعضه ببعض، قالوا: أحدهما دليل على الآخر، مقارن له اقترانًا عاديًّا، وليس بينهما ارتباط سببية ولا علة ولا حكمة، ولا له فيه تأثير بوجه من الوجوه.

وليس عند أكثر الناس غير أقوال هؤلاء الفرق الثلاث (١)، وطالبُ الحق إذا رأى ما في هذه الأقوال من الفساد والتناقض والاضطراب، ومناقضة بعضها لبعض، ومعارضة بعضها ببعضٍ (٢) = بقي في الحيرة، فتارةً يتحيَّز إلى فرقة منها، له ما لها وعليه ما عليها، وتارةً يتردَّد بين هذه الفِرَق تميميًّا (٣) مرّةً وقيسيًّا أخرى! وتارةً يُلقي الحربَ بينهما، ويقِف في النظّارة. وسبب ذلك خفاء الطريقة المثلى والمذهب الوسط الذي هو في المذاهب [٢٠٣/أ] كالإسلام في الأديان، وعليه سلف الأمة وأئمتها والفقهاء المعتبرون: مِن إثبات الحكم والأسباب والغايات المحمودة في خلقه سبحانه وأمره، وإثباتِ لام التعليل وباء السببيَّة في القضاء والشرع، كما دلَّت عليه النصوص، مع صريح العقل والفطرة؛ فاتفق (٤) عليه الكتاب والميزان.

ومن تأمَّلَ كلامَ سلف الأمة وأئمة السنَّة (٥) رآه ينكر قولَ الطائفتين


(١) ت: «الثلاثة»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «لبعض».
(٣) ما عدا ع: «يمنيًّا»، ولعله تصحيف. قال المبرِّد في «الكامل» (٣/ ١٠٩١): «ومن كلام العرب: أتميميًّا مرةً وقيسيًّا أخرى». فنصَّ على أن المثل هكذا جاء في كلام العرب، وإلا يجوز ما ورد في النسخ لما كان بين القيسية واليمانية من الصراع في عهد بني أمية.
(٤) في النسخ المطبوعة: «واتفق».
(٥) في النسخ المطبوعة: «وأئمة أهل السنة».