للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] وهؤلاء ولد الأم. فلو أدخلنا معهم ولد الأبوين لم يكونوا شركاء في الثلث، بل يزاحمهم فيه غيرهم. فإن قيل: بل ولد الأبوين منهم، إلغاء لقرابة الأب. قيل: هذا وهم، لأن الله سبحانه قال في أول الآية: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}، ثم قال: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (١) فذكَر حكمَ واحدهم وجماعتهم [٢١٦/أ] حكمًا يختصُّ به الجماعة منهم كما يختصُّ به واحدهم. وقال في ولد الأبوين: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦].

فذكَر حكمَ ولد الأب والأبوين واحدِهم وجماعتِهم، وهو حكمٌ يختصُّ به جماعتهم كما يختصُّ به واحدهم، فلا يشاركهم فيه غيرهم، فكذا حكم ولد الأم. وهذا يدل على أن أحد الصنفين غير الآخر، فلا يشارك أحد الصنفين الآخر. وهذا الصنف الثاني هو ولد الأبوين والأب (٢) بالإجماع، والأول هو ولد الأم بالإجماع، كما فسَّرته قراءة بعض الصحابة: «من أم» (٣). وهي تفسير وزيادة إيضاح، وإلا فذلك معلوم من السياق.

ولهذا ذكر سبحانه ولد الأم في آية الزوجين، وهم أصحاب فرض مقدَّر


(١) في النسخ الخطية: «وإن كانوا ... ».
(٢) في النسخ المطبوعة: «أو الأب».
(٣) رواه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢٩٧)، وسعيد بن منصور (٥٩٢ التفسير)، والدارمي (٣٠١٨)، وابن جرير في «جامع البيان» (٦/ ٤٨٣)، وابن أبي حاتم في «التفسير» (٤٩٣٦)، والبيهقي في «السنن الكبير» (٦/ ٣٧٩).