للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فالقرابة المتصلة الملتئمة من الذكر والأنثى لا تفرَّق أحكامُها. هذه قاعدة النسب في الفرائض وغيرها، فالأخ من الأبوين لا نجعله كأخ من أب، وأخ من أم؛ فنعطيه السدس فرضًا بقرابة الأم، والباقي تعصيبًا بقرابة الأب.

فإن قيل: فقد فرَّقتم أحكامَ القرابتين (١)، فقلتم في ابني عَمٍ أحدُهما أخٌ لأم: يعطى الأخ للأم بقرابة الأم السدس، ويقاسم ابن العم بقرابة العمومة.

قيل: نعم، هذا قول الجمهور، وهو الصواب؛ وإن كان شُريحٌ ومن قال بقوله أعطى الجميع لابن العمِّ الذي هو أخٌ لأم [٢١٧/أ]، كما لو كان ابنَ عمٍّ لأبوين. والفرق بينهما على قول الجمهور أن كليهما في بنوة العم سواء، وأما الأخوة للأم فمستقلَّة، ليست مقترنة بأبوة، حتى يجعل كابن العم للأبوين. فهنا قرابة الأم منفردة عن قرابة العمومة، بخلاف قرابة الأم في مسألتنا فإنها متحدة بقرابة الأب.

ومما يبيِّن أن عدم التشريك هو الصحيح: أنه لو كان فيها أخوات لأب لَفُرِض لهن الثلثان، وعالت الفريضة. فلو كان معهن أخوهن سقطن به، ويسمَّى الأخَ المشؤومَ. فلما كنَّ بوجوده يصِرن عصَبةً صار تارةً ينفعهن، وتارةً يضرُّهن، ولم يُجعل وجودُه كعدمه في حال الضِّرار. فكذلك قرابة الأب لما صار الإخوة بها عصَبةً صار ينفعهم تارة ويضرُّهم أخرى. وهذا شأن العُصوبة (٢)، فإنَّ العصبة تارةً تحوز المال، وتارةً تحوز أكثره، وتارةً (٣)


(١) في النسخ المطبوعة: «بين القرابتين».
(٢) في النسخ المطبوعة: «العصبة».
(٣) في النسخ المطبوعة بعدها زيادة: «تحوز».