للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوافق قضاؤه لكتاب (١) ربه وللميزان الذي أنزله مع كتابه. وبذلك قضى الصحابة بعده كابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهما.

فإن قيل: لكن خرجتم عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألحِقُوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فلأَولى رجلٍ ذكرٍ». فإذا أعطينا البنت فرضَها وجب أن يعطى الباقي لابن الأخ أو العم أو ابنه دون الأخت، فإنه رجل ذكَر. فأنتم عدلتم عن هذا النص وأعطيتموه الأنثى، فكنَّا أسعد بالنص منكم. وعملنا به وبقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢) حيث أعطى البنت النصف، وبنت الابن (٣) السدس، والباقي للأخت إذا لم يكن هناك أولى رجل ذكر، فكانت الأخت عصَبة. وهذا توسُّط بين قولكم وبين قول من أسقط الأخت بالكلية. وهذا مذهب إسحاق بن راهويه، وهو اختيار أبي محمد بن حزم (٤).

وسقوطُها بالكلية مذهب ابن عباس، كما قال عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلَمة: قيل لابن عباس: رجل ترَك ابنته، وأختَه [٢٢٤/أ] لأبيه وأمِّه؛ فقال: لابنته النصف (٥)، وليس لأخته شيء مما ترك، وهو


(١) كذا في جميع النسخ. وفي النسخ المطبوعة: «كتاب» دون اللام، على الجادَّة.
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٤٢) من حديث ابن مسعود.
(٣) ع: «وبنت البنت». وكذا كان في ح. مع «كذا» فوق كلمة «البنت». ثم ضرب عليها وكتب في الحاشية: «لعله الابن».
(٤) انظر: «المحلَّى» (٨/ ٢٦٨).
(٥) في النسخ الخطية والمطبوعة جميعًا بعد النصف: «ولأمه السدس». ولا أدري كيف أقحمت هذه الزيادة؟ ولا شك أن الذي أقحمها قرأ المسألة هكذا: «بنته، وأختَه لأبيه، وأمَّه»، فعطف كلمة الأم على الأخت. ولكن لم ترد عبارة «ولأمه السدس» في مصادر التخريج، ثم هو مخالف للسياق.