للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعصَبته. فقال له السائل: إن عمر قضى بغير ذلك: جعل للبنت النصف، وللأخت النصف. فقال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله؟ قال معمر: فذكرتُ ذلك لابن طاوس، فقال لي: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال الله عز وجل: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} فقلتم أنتم: لها النصف، وإن كان له ولد (١).

وقال ابن أبي مُلَيكة عن ابن عباس: أمر ليس في كتاب الله ولا في قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وستجدونه في الناس كلِّهم: ميراث الأخت مع البنت (٢).

فالجواب: أن نصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّها حقٌّ يصدِّق بعضها بعضًا، ويجب الأخذ بجميعها، ولا يُترك له نصٌّ إلا بنصٍّ آخر ناسخ له، لا يُترَك بقياس ولا رأي ولا عمل أهل بلد ولا إجماع. ومحال أن تُجمِع الأمة على خلاف نصٍّ له إلا أن يكون له نصٌّ آخر ينسخه. فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فما أبقت الفرائض فلأَولى رجلٍ ذكرٍ» عامٌّ قد خُصَّ منه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «تحوز المرأة ثلاث مواريث: عتيقها، ولقيطها، وولدها الذي لاعنَت عليه» (٣).


(١) رواه عبد الرزاق (١٩٠٢٣) ــ ومن طريقه ابن المنذر في «الأوسط» (٧/ ٤٥٥ - ٤٥٦) ــ، والحاكم (٤/ ٣٣٩) ــ وصحّحه ــ، والبيهقي (٦/ ٢٣٣).
(٢) رواه ابن عيينة في «التفسير» ــ ومن طريقه القاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي [كما في «المحلى» لابن حزم (٩/ ٢٥٧)]، والحاكم (٤/ ٣٣٧) ــ وصحّحه ــ، والضياء المقدسي (١١/ ١٢٠) ــ عن مصعب بن عبد الله بن الزبرقان، عن ابن أبي مليكة به، ومصعب مجهول، وإنْ ذكره ابن حبان في «الثقات» (٧/ ٤٧٩).
(٣) رواه أحمد (١٦٠٠٤، ١٦٠١١)، وأبو داود (٢٩٠٦)، والترمذي (٢١١٥) وحسّنه، وابن ماجه (٢٧٤٢)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٦٣٢٦، ٦٣٢٧، ٦٣٨٧) من حديث واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - مرفوعا، وفي سنده عمر بن رؤبة فيه لِينٌ، وذكر ابن عدي في «الكامل» (٦/ ١٠٣) أنهم أنكروا عليه حديثه عن عبد الواحد النصري (وحديثُه هذا عنه)، وضعّفه البيهقي (٦/ ٢٤٠، ٢٥٩)، وفي «معرفة السنن والآثار» (٥/ ٧٤ - ٧٥)، واستظهر أن الشافعي أيضًا ضعّفه.
وقال ابن المنذر في «الأوسط» (٧/ ٥٦٥): «لا يثبت عند أهل المعرفة بالأخبار».
أما الحاكم، فصحّحه (٤/ ٣٤٠ - ٣٤١).