للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باتفاق الناس، فهكذا الأب إذا مات يرثه أبو أبيه، دون إخوته. وهذا معنى قول عمر لزيد: كيف يرثني أولادُ عبد الله دون إخوتي، ولا أرثهم دون إخوتهم؟ فهذا هو القياس الجلي، والميزان الصحيح، الذي لا مغمز فيه ولا تطفيف.

يوضِّحه الوجه الثامن (١): أن قاعدة الفرائض وأصولها أنه إذا كان قرابة المُدْلي من الواسطة من جنس قرابة الواسطة كان أقوى مما إذا اختلف جنس القرابتين. مثال ذلك أن الميت يُدلي إليه ابنُه بقرابة البنوة، وأبوه يُدلي إليه بقرابة الأبوة، فإذا أدلى إليه واحد ببنوة البنوة وإن بعدت كان أقوى ممن يُدلي إليه بقرابة بنوة الأبوة وإن قربت. فكذلك قرابة أبوة الأبوة وإن علت أقوى من قرابة بنوة الأب وإن قربت. وقد ظهر اعتبار هذا في تقديم جدِّ الجدِّ وإن علا على ابن الأخ وإن قرب، وعلى العم؛ لأن القرابة التي يدلي بها الجدُّ من جنس واحد وهي الأبوة، والقرابة التي يدلي بها الأخ وبنوه من جنسين وهي بنوة الأبوة. ولهذا قُدِّمت قرابة ابن الأخ على قرابة ابن الجد، لأنها قرابة بنوة أب، وتلك قرابة بنوة أبي أب. فبين ابن الأخ فيها وبين الميت جنس واحد وهي الأخوة، فبواسطتها وصل إليه؛ بخلاف العمِّ، فإنَّ بينه وبينه [٢٣٠/أ] جنسين (٢): أحدهما الأبوة، والثاني بنوتها. وعلى هذه القاعدة بناء باب العصبات.

يوضِّحه الوجه التاسع: وهو أن كلَّ بني أبٍ أدنى وإن بعدوا عن الميت يقدَّمون في التعصيب على بني الأب الأعلى وإن كانوا أقرب إلى الميت.


(١) هنا أيضًا في النسخ المطبوعة زيادة: «وهو».
(٢) ما عدا ع: «جنسان».