للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره: إن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرٌ إذا (١) نظَر فيه ذو البصر (٢) بالحلال والحرام علِمَ أنه لا يجوز. فتبيَّن أن النهي عن ذلك موجَب القياس، فإن هذا لو شُرط في المضاربة لم يجُز، فإن مبنى المشاركات على العدل بين الشريكين، فإذا خُصَّ أحدُهما بربح دون الآخر لم يكن ذلك عدلًا؛ بخلاف ما إذا كان [٢٣٦/ب] لكلٍّ منهما جزء شائع، فإنهما يشتركان في المغنم وفي (٣) المغرم. فإن حصل ربحٌ اشتركا فيه، وإن لم يحصل شيء اشتركا في المغرم، وذهب نفع بدن هذا كما ذهب نفع مال هذا. ولهذا كانت الوضيعة على المال، لأن ذلك في مقابلة ذهاب نفع المال.

ولهذا كان الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة ربحُ المثل (٤)، فيعطى العامل ما جرت العادة أن يعطاه مثلُه، إما نصفه أو ثلثه. فأما أن يعطى شيئًا مقدَّرًا مضمونًا في ذمة المالك كما يعطى في الإجارة والجعالة، فهذا غلط ممن قاله. وسببُ غلطه ظنُّه أن هذه إجارة، فأعطاه في فاسدها عوضَ المثل، كما يعطيه في الصحيح المسمَّى. ومما يبيِّن غلط هذا القول أن العامل قد يعمل عشر سنين أو أكثر، فلو أُعطي أجرة المثل أعطي أضعافَ رأس المال، وهو في الصحيحة لا يستحق إلا جزءً من الربح إن كان هناك ربح. فكيف يستحِقُّ في الفاسدة أضعافَ ما يستحقه في الصحيحة؟


(١) ع: «لو». وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) ت: «البصيرة»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) ع: «والمغرم»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) في حاشية ح زيادة: «لا أجرة المثل» وأدخلها ناسخ ف في المتن. وكذا في «مجموع الفتاوى».