للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما بيع الدَّين بالدَّين، فينقسم إلى بيع واجب بواجب كما ذكرنا، وهو الممتنع. وينقسم إلى بيع ساقط بساقط، وساقط بواجب، وواجب بساقط (١)، وهذا فيه نزاع».

قلت: الساقط بالساقط في صورة المقاصَّة، والساقط بالواجب كما لو باعه دينًا له في ذمته بدين آخر من غير جنسه، فسقط الدين المبيع، ووجب عوضه، وهو بيع الدين ممن هو في ذمته. وأما بيع الواجب بالساقط فكما لو أسلم إليه في كُرِّ حنطة بعشرة دراهم في ذمته، فقد وجب له عليه دين، وسقط عنه له (٢) دين غيره. وقد حُكي الإجماع على امتناع هذا، ولا إجماع فيه. قاله شيخنا، واختار جوازه. وهو الصواب، إذ لا محذور فيه. وليس بيعَ كالئ بكالئ، فيتناوله النهي بلفظه، ولا في معناه فيتناوله بعموم المعنى. فإن المنهي عنه قد اشتغلت فيه الذمتان بغير فائدة، فإنه لم يتعجَّل أحدهما ما يأخذه، فينتفع بتعجُّله (٣)، وينتفع صاحب المؤخَّر بربحه، بل كلاهما اشتغلت ذمته بغير فائدة.

وأما ما عداه من الصور الثلاث، فلكلٍّ منهما غرض صحيح ومنفعة مطلوبة. وذلك ظاهر في مسألة التقاصِّ، فإن ذمتهما تبرأ من أسرها، وبراءة الذمة مطلوب (٤) لهما وللشارع. فأما في الصورتين الأخريَين (٥) فأحدهما


(١) «وواجب بساقط» ساقط من «مجموع الفتاوى».
(٢) في النسخ المطبوعة: «له عنه».
(٣) في النسخ المطبوعة: «بتعجيله».
(٤) ت: «مطلوبة».
(٥) في المطبوع: «الأخرتين».