للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصواب أن مقتضى القياس (١) أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وأنه إذا تغيَّر في محلِّ التطهير فهو نجس أيضًا، وهو في حال تغيُّره لم يُزِلها، وإنما خفَّفها. ولا تحصل الإزالة المطلوبة إلا إذا كان غير متغيِّر. وهذا هو القياس في المائعات كلِّها: أنَّ يسير النجاسة إذا استحالت في الماء، فلم يظهر لها فيها (٢) لون ولا طعم ولا رائحة، فهي من الطيبات لا من الخبائث.

وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الماء لا ينجُس» (٣).

وصحَّ عنه أنه قال: «إن الماء لا يجنُب» (٤).

وهما نصَّان صريحان في أن الماء لا ينجُس بالملاقاة، ولا يسلُبه طهوريتَه استعمالُه في إزالة الحدث. ومن نجَّسه بالملاقاة أو سلبَ طهوريته بالاستعمال فقد جعله ينجُس ويجنُب. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه في «صحيح


(١) «أن مقتضى القياس» زيد في ح فوق السطر، وهو في متن ف، و «مجموع الفتاوى».
(٢) يعني: في المائعات. وفي النسخ المطبوعة: «ولم يظهر لها فيه».
(٣) رواه أحمد (١١١١٩)، أبو داود (٦٦، ٦٧)، والترمذي (٦٦) ــ وحسنه ــ، والنسائي (٣٢٦، ٣٢٧) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا. ويُنظر: «العلل» للدارقطني (١١/ ٢٨٥ - ٢٨٩)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (١/ ٢٨ - ٣٢)، و «البدر المنير» لابن النحوي (١/ ٣٨١ - ٣٨٨). وله شاهد سيأتي عَقِبَ هذا.
(٤) رواه أبو داود (٦٨)، والترمذي (٦٥) ــ وصححه ــ، وابن ماجه (٣٧٠) من حديث ابن عباس مرفوعًا. وصححه أيضًا ابن حبان (٢٢٦٦، ٣٩٤٧). وأعلّه الإمام أحمد بالإرسال. ويُنظر: «المجتبى» للنسائي (٣٢٥)، و «المختصر» لابن خزيمة (٩١)، و «العلل» للدارقطني (١٥/ ٢٦٠)، و «المستدرك» للحاكم (١/ ١٥٩)، و «الأحاديث المختارة» للضياء المقدسي (١٢/ ١١ - ١٦)، و «فتح الباري» لابن رجب (١/ ٢٨٢ - ٢٨٣).