للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البخاري» (١) أنه سئل عن فأرة وقعت في سَمْنٍ، فقال: «ألقُوها وما حولها، وكلوه»، ولم يفصل بين أن يكون جامدًا أو مائعًا قليلًا أو كثيرًا. فالماء بطريق الأولى يكون هذا حكمه.

وحديث التفريق بين الجامد والمائع حديث معلول (٢). وهو غلط من معمر من عدّة وجوه بيَّنها البخاري في «صحيحه» والترمذي في «جامعه» وغيرهما. ويكفي أن الزهري الذي روى عنه معمر حديث التفصيل قد روى عنه الناس كلُّهم خلافَ ما رواه (٣) عنه معمر، وسئل عن هذه المسألة فأفتى بأنها تُلقَى وما حولها، ويؤكل الباقي في [٢٤١/ب] الجامد والمائع والقليل والكثير، واستدلَّ بالحديث. فهذه فتياه، وهذا استدلاله، وهذه رواية الأئمة عنه. فقد اتفق على ذلك النص والقياس، ولا يصلح للناس سواه. وما عداه من الأقوال فمتناقض لا يمكن صاحبَه طردُه كما تقدَّم. فظهر أن مخالفة القياس فيما خالف النصَّ لا فيما جاء به النصُّ.


(١) برقم (٥٥٣٨) من حديث ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) رواه أحمد (٧١٧٧)، وأبو داود (٣٨٤٢) من حديث أبي هريرة مرفوعا. وهو حديثٌ غيرُ محفوظٍ، قد أعلّه الإمام البخاري، وأبو حاتم، والترمذي، وغيرُهم.
أما ابن حبان فصححه (٤٣٧٤، ٤٣٧٥، ٤٣٧٦). ويُنظر: «المسند» للحميدي (٣١٤)، و «الجامع الصحيح» للبخاري (٥٥٣٨ - ٥٥٤٠)، و «الجامع» للترمذي عَقِبَ الحديث (١٧٩٨)، و «المجتبى» للنسائي (٤٢٦٠)، و «السنن الكبرى» له (٤٥٧٢)، و «العلل» لابن أبي حاتم (١٥٠٧)، و «العلل» للدارقطني (٧/ ٢٨٥ - ٢٨٦)، و «الإمام» لابن دقيق العيد (٣/ ٤٦٧ - ٤٦٨)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (٤/ ٨٢ - ٨٣).
(٣) ت، ع: «روى عنه»، وكذا في النسخ المطبوعة.