للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصلها أن قومًا من أهل اليمن حفروا زبيةً للأسد، فاجتمع الناس على رأسها، فهوَى فيها واحد، فجذب ثانيًا، فجذب الثاني ثالثًا، فجذب الثالثُ رابعًا، فقتلهم الأسد. فرُفِع ذلك إلى علي بن أبي طالب (١) وهو على اليمن، فقضى للأول بربع الدية، وللثاني بثلثها، وللثالث بنصفها، وللرابع بكمالها، وقال: أجعل الدية على مَن حضَر رأس [٢٦٩/أ] البئر. فرُفِع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «هو كما قال». رواه سعيد بن منصور في «سننه»، ثنا أبو عوانة وأبو الأحوص، عن سِماك بن حرب، عن حَنَش الصنعاني (٢) عن علي (٣). فقال أبو الخطاب وغيره: ذهب أحمد إلى هذا توقيفًا على خلاف القياس (٤).

والصواب أنه مقتضى القياس والعدل. وهذا يتبيَّن بأصل، وهو أن الجناية إذا حصلت من فعل مضمونٍ ومهدَرٍ سقط ما يقابل المهدر، واعتُبِر ما يقابل المضمون؛ كما لو قتل عبدًا مشتركًا بينه وبين غيره، أو أتلف مالًا مشتركًا، أو حيوانًا= سقط ما يقابل حقَّه، ووجب عليه ما يقابل حقَّ شريكه. وكذلك لو اشترك اثنان في إتلافِ مال أحدهما أو قتلِ عبده أو حيوانه سقط


(١) في النسخ المطبوعة: «أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه في الجنة».
(٢) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة. وكذا في «المغني» لابن قدامة (١٢/ ٨٧ - ٨٨) ومنه ينقل المصنف.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٢٨٤٥١، ٢٩٧٠٦) عن أبي الأحوص، عن سماك، عن حَنَشِ بن المعتمر الكناني به. ورواه أحمد (٥٧٣، ٥٧٤، ١٠٦٣، ١٣١٠) من طريقيْن آخريْن عن سماك، عن حنش ... وقد تكلّموا في حنشٍ، وفي حديثه هذا. ويُنظر: «معرفة السنن والآثار» للبيهقي (٦/ ٢٤٩ - ٢٥٠).
(٤) انظر: «الهداية» لأبي الخطاب (ص ٥١٥).