للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن المشارك ما يقابل فعله، ووجب على الآخر من الضمان بقسطه. وكذلك لو اشترك هو وأجنبيٌّ في قتل نفسه كان على الأجنبي نصف الضمان. وكذلك لو رمى ثلاثةً بالمنجنيق فأصاب الحجرُ أحدهم فقتَله، فالصحيح أن ما قابل فعل المقتول ساقط، ويجب ثلثا ديته على عاقلة الآخرين. هذا مذهب الشافعي، واختيار صاحب «المغني»، والقاضي أبي يعلى في «المجرَّد» (١).

وهو الذي قضى به عليٌّ في مسألة القارصة والواقصة. قال الشعبي: وذلك أنَّ ثلاثَ جوارٍ اجتمعن، فركبت إحداهن على عنق الأخرى، فقرَصت الثالثةُ المركوبةَ، فقمَصَت (٢)، فسقطت الراكبة [٢٦٩/ب] فوقَصت (٣) عنقها، فماتت. فرُفِع ذلك إلى عليٍّ، فقضى بالدية أثلاثًا على عواقلهن، وألغى الثلث الذي قابل فعل الواقصة، لأنها أعانت على قتل نفسها (٤).

وإذا ثبت هذا فلو ماتوا بسقوط بعضهم فوق بعض كان الأول قد هلك بسبب مركَّب من أربعة أشياء: سقوطه، وسقوط الثاني، والثالث، والرابع. وسقوطُ الثلاثة فوقه مِن فعله. وجنايتهُ على نفسه تُسقِط (٥) ما يقابله وهو


(١) انظر: «المغني» (١٢/ ٨٣) والمصنف صادر عنه. ومنه نقل قول الشعبي الآتي.
(٢) أي نفرت.
(٣) في النسخ المطبوعة بعده: «أي كسرت».
(٤) رواه الشافعي في «الأم» (٨/ ٤٤٦)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (٣/ ٧٧) ــ ومن طريقه الزجاجي في «الأخبار = الأمالي الوسطى» (ص ٢٠٨)، والبيهقي (٨/ ١١٢) ــ من حديث مجالد، عن الشعبي به، ومجالد (وهو ابن سعيد) فيه لِينٌ.
ويُوازَنُ السند المُثْبَتُ في «الأم» بما في «معرفة السنن والآثار» للبيهقي (٦/ ٢٥٠).
(٥) كذا في النسخ بإهمال حرف المضارع. وفي النسخ المطبوعة: «فسقط».