للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لاثنين: أتقِرَّان لهذا؟ قالا: لا، حتى سألهم جميعًا. فجعل كلَّما سأل اثنين قالا: لا. فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت له القرعة، وجعل (١) عليه ثلثي (٢) الدية. فذُكِر ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فضحك حتى بدت [٢٧٢/ب] نواجذه (٣).

وقد أُعِلَّ هذا الحديث بأنه روي عن عبد خير بإسقاط زيد بن أرقم فيكون مرسلًا. قال النسائي: وهذا أصوب. قلت: وهذا ليس بعلة، ولا يوجب إرسالًا في الحديث، فإن عبد خير سمع من علي، وهو صاحب القصة. فهَبْ أن زيد بن أرقم لا ذكر له في المتن، فمن أين يجيء الإرسال؟

وبعد، فقد اختلف الفقهاء في حكم هذا الحديث. فذهب إلى القول به


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة «لصاحبيه».
(٢) في النسخ الخطية: «ثلثا»، ويصح نائب فاعل، ولكن السياق يقتضي ما أثبت من «السنن».
(٣) رواه أبو داود (٢٢٧٠) وابن ماجه (٢٣٤٨)، والنسائي (٣٤٨٨)، وفي «السنن الكبرى» (٥٦٥٢، ٥٩٩٣)، وهذا الوجه ممّا أغرب به عبد الرزاق عن الثوري! وقد قال البيهقي (١٠/ ٢٦٧): «هذا الحديث ممّا يُعَدُّ في أفراد عبد الرزاق عن سفيان الثوري». وعفا الله عن ابن حزم القائل في «المحلى» (١٠/ ١٥٠): «وهذا خبرٌ مستقيم السند»! وتبعه عبد الحق الإشبيلي، فقال في «الأحكام الوسطى» (٣/ ٢٢٠): «إسناده صحيح». وصحّحه أيضًا ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٤٣٣). وقد أغرب عبد الرزاق عن الثوري أيضًا بوجهٍ آخرَ، ساقه عنه أحمد (١٩٣٢٩). وقد قال النسائي في «السنن الكبرى» عَقِبَ الحديث (٥٦٥٤): «هذه الأحاديث كلّها مضطربة الأسانيد». وذكر نحوَه العقيلي في «الضعفاء» (٣/ ٣٠٣).