للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسحاق بن راهويه، وقال: هو السنة في دعوى الولد (١). وكان الشافعي يقول به في القديم (٢). وأما الإمام أحمد فسئل عنه فرجَّح عليه حديث القافة، وقال: حديث القافة أحبُّ إلي (٣).

وهاهنا أمران. أحدهما: دخول القرعة في النسب. والثاني: تغريم من خرجت له القرعة ثلثي دية ولده لصاحبيه. وكلٌّ منهما بعيد عن القياس، فلذلك قالوا: هذا من أبعد شيء عن القياس.

فيقال: القرعة قد تستعمل عند فقدان مرجِّحٍ سواها من بينة أو إقرار أو قافة. وليس ببعيد تعيينُ المستحق بالقرعة في هذه الحال، إذ هي غاية المقدور عليه من أسباب ترجيح الدعوى. ولها دخول في دعوى الأملاك المرسلة التي لا تثبت بقرينة ولا أمارة، فدخولها في النسب الذي يثبت بمجرَّد الشبه الخفي المستند إلى قول القائف أولى وأحرى.

وأما أمر الدية فمشكل جدًّا، فإن هذا ليس بقتل يوجب الدية، وإنما هو تفويت [٢٧٣/أ] نسبه بخروج القرعة له. فيمكن أن يقال: وطءُ كلِّ واحدٍ صالحٌ لجعل الولد له، فقد فوَّته كلُّ واحد منهم على صاحبه بوطئه، ولكن لم يتحقق من كان له الولد منهم. فلما أخرجته القرعة لأحدهم صار مفوِّتًا لنسبه عن (٤) صاحبيه، فأُجري ذلك مجرى إتلاف الولد، ونُزِّل الثلاثة منزلة أب واحد، فحصة المتلِف منه ثلث الدية، إذ قد عاد الولد له، فيغرم لكلٍّ من


(١) انظر: «مسائل الكوسج» (٤/ ١٦٧٧). والنقل من «معالم السنن» (٣/ ٢٧٧).
(٢) «معالم السنن» (٣/ ٢٧٧).
(٣) «مسائل الكوسج» (٤/ ١٦٦٧). وانظر: «معالم السنن» (٣/ ٢٧٧).
(٤) في النسخ المطبوعة: «على».