للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدِّين الذي هو عليه دين اللَّه، لكن هذا - واللَّه أعلم - كل منهم في الابتداء يبغي دين الله في نفسه، لكن بَانَ له من بعد وظهر بالآيات والحجج أنه ليس على دين اللَّه، وأن دين الله هو الإسلام، فلم يرجع إليه ولا اعتقده، ولزم غيره بالاعتناد والمكابرة؛ فهو باغٍ غيرَ دين اللَّه، واللَّه أعلم.

قال الشيخ - رحمه اللَّه - في قوله: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ)، أي: أفغير ما في دين اللَّه من الأحكام والتوحيد.

ويحتمل: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ): يدينون، وليس على الاستفهام؛ ولكن على الإيجاب أنهم في صنيعهم يبغون غير الذي هو دين اللَّه، كقوله: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)؛ وكقوله: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. . .) الآية.

وقوله: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا):

يحتمل وجوهًا:

يحتمل: أسلم، أي: استسلم، وخضع له بالخلقة؛ إذ في خلقة كُل دلالاتُ وَحدانيته.

ويحتمل: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ)، يعني: الملائكة، (وَالْأَرْضِ) المؤمنين الذين أسلموا طوعًا وكرهًا، يعني: أهل الأديان يقرون أن اللَّه ربهم وهو خلقهم؛ كقوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)، فذلك إسلامهم، وهم في ذلك مشركون. عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " مَنْ فِي السمَاوَاتِ أَسْلَمُوا طَوْعًا، وَأَمَّا أهْلُ الأرْضِ: فَمِنْهُم مَنْ أَسْلَمَ طَوْعًا، وَمِنْهُم مَنْ أَسْلَمَ كَرْهًا؛ مَخَافَةَ السَّيفِ ".

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أيضًا - قال: " طَوْعًا مَنْ وُلِدَ فِي الإسْلَامِ، وَكُل مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُولَدْ فِي الإسْلَامِ فَهُوَ كَرْهٌ ".

وقيل: منهم من أسلم طوعًا، ومنهم من جبروا عليه، والإسلام: هو تسليم النفس

<<  <  ج: ص:  >  >>