للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنافقون.

وجائز أن يكون المنافقون هم الذين أضمروا الخلاف له، وأظهروا الوفاق، على إبانة الحق لهم وظهوره، (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ): هم الذين كانوا مرتابين في ذلك، لم يبن لهم ذلك، ولم ينجل قالوا هذا:

(مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا):

قال عامة أهل التأويل: الذي وعد لهم فتوح البلدان، قالوا لما أحاط بهم - أعني: بالمؤمنين - الكفار قال ذلك المنافقون.

وقوله: (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣)

قيل: (يَثْرِبَ): المدينة، ويقال: (يَا أَهْلَ يَثْرِبَ): يا أهل المدينة، وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " من قال للمدينة: يثرب، فليستغفر اللَّه ثلاثًا؛ هي طابة هي طابة " ثم قَالَ بَعْضُهُمْ: إن قوله: (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا) إنما قاله أهل النقاق لبعضهم: (لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا).

ثم يحتمل قوله (لَا مُقَامَ لَكُمْ) وجهين:

أحإهما: ما قالوا: (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ) ومن الفمَح والنصر (إِلَّا غُرُورًا).

والثاني: (لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا)؛ لما لم يقع عندهم أنهم يصلون إلى ما كانوا يطمعون ويأملون؛ لأنهم كانوا يخرجون رغبة في الأموال وطمعًا فيها، وهو ما وصفهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ. . .) الآية.

وجائز أن يكون هذا القول من المؤمنين لأهل النفاق؛ فإن كان من المؤمنين لأُولَئِكَ فالوجه فيه: أنهم أرادوا أن يطردوهم؛ لفشلهم ولجبنهم؛ لئلا يهزموا جنود المؤمنين بانهزامهم؛ لأنهم قوم همتهم الانهزام فإذا انهزموا هم انهزم غيرهم؛ فالمعنى: إذا كان ذلك من المؤمنين لهم غير المعنى إذا كان من أهل النفاق بعضهم لبعض، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>