وفساد، كقوله:(ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ)، وحيث قال:(وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، وحيث قالوا:(أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ)، ونحوه، يدعى أن ما يدعوهم إليه هو الرشاد، وأن الذي يدعو موسى إليه هو السحر والفساد.
قَالَ الْقُتَبِيُّ:(فَيُسْحِتَكُمْ)، أي: يهلككم ويستأصلكم، يقال: سحته اللَّه، وأسحته، وقال:(وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: الأشراف، ويقال: هَؤُلَاءِ طريقة قومهم: أي: أشرافهم، اشتقاق الطريقة من الشريف، ويقال: أراد: بسنتكم ودينكم، و (الْمُثْلَى): مؤنت أمثل، مثل كبرى وأكبر.
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ... (٦٤) أي: حيلتكم.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ:(طَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: بدينكم الأفضل، وهو من الأمثل.
وقال أبو عبيدة:(ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي: مصلى، والصف: المصلى، وقال: حكى عن بعضهم أنه قال: ما استطعت أن آتى الصف اليوم أي: المصلى.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ:(صَفًّا): أي: جميعًا، وكذلك قال غيره من أهل التأويل.
وقوله:(مَنِ اسْتَعْلَى) أي: غلب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) حرف الإجماع يستعمل في العزم مرة والاجتماع ثانيًا:
أما في العزم فما ذكر في الخبر:" لَا صَوْمَ لِمَنْ لَم يَجْمَع رَأيَهُ مِنَ اللَّيل " أي: لمن لم يعزم، على ما روى في الخبر:" لا صَوْمَ لمن لم يَعْزِمْ مِنَ الليل ".
وأما الاجتماع فظاهر، فإن كان على الاجتماع، فكأنه قال: فاجتمعوا على عمل واحد لا تختلفوا فيه.
وعلى العزم، أي: اعرفوا شيئا واحدًا؛ واقصدوا أمرًا واحدًا لكي تغلبوا.