وقَالَ بَعْضُهُمْ:(عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) أي: نصيبنا وحظنا من العذاب الذي توعدنا به وتحذرنا يوم الحساب قبل يوم الحساب، قالوا ذلك استهزاء به وتكذيباً له؛ ولذلك قال له على أثر ذلك:(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) يصبره ويعزيه على ما يقولون؛ ليصبر على ذلك، واللَّه أعلم.
وجائز أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) ليس على سؤال العذاب والكتاب الذي حمله عامة أهل التأويل عليه، ولكنه سؤال السعة والنصيب في الدنيا، ويكون ذلك في قوم لا يؤمنون بالآخرة سألوا ما وعدوا من النعيم في الآخرة والسعة في الدنيا، وذلك أشبه لأنهم سألوا ربهم أن يعجل ذلك لهم، فلو كان على ما يحمله أهل التأويل من سؤال العذاب والكتاب على الاستهزاء بالرسول والتكذيب له، لسألوا الرسول ذلك، ولم يسألوا ربهم ذلك؛ فدل ذلك على أنه أشبه وأقرب، واللَّه أعلم.
ويكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: [(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ)] على ما تقدم من قولهم: إنه ساحر وإنه كذاب، وإنه اختلق هذا القرآن من ذات نفسه ونحوه، ويؤيد ذلك قول سعيد بن جبير قال: ذكرت لهم الجنة فاشتهوا ما فيها، فقالوا:(رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) أي: نصيبنا من الجنة.