فَإِنْ قِيلَ: كيف جمع بين قول المعروف والمغفرة وبين الأذى والمن، فقال:(خير من كذا. .)، وأحدهما خير والآخر شر، وإنَّمَا يفعل هذا إذا كانا جميعًا خيرين، فيقال:" أيهما أخير "؟
قيل: معناه - واللَّه أعلم - هذا خير لكم من ذلك، وهو كقوله:(قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ)، أي: خير لكم في الآخرة من اللهو والتجارة، في دنياكم، وإن لم يكن اللهو والتجارة من جنس ما عند اللَّه، فعلى ذلك الأول.
ويحتمل: أن تكون الآية على الابتداء، لا على الجمع: هذا خير، وهذا شر.
قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى -: ووجه ذلك أن الصدقة قربة، وهي خير، فإذا أتبعها الأذى أبطلها، فيكون (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ)، أي: رد جميل للسائل خير من إجابة في البذل، ثم الرد بالأذى؛ لأن هذا يبقى، وإن كان لا ينشفع به الآخر، والصدقة لا، وإن كان ينتفع بها الفقير. واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(المن) و (الأذى)، أن يقول للسائل: خذه، لا بارك اللَّه فيه لك.
وقوله تعالى:(وَاللَّهُ غَنِيٌّ)، عن صدقاتكم، (حَلِيمٌ)، لا يعجل بالعقوبة عليكم بالمن والأذى.