للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قِيلَ: كيف جمع بين قول المعروف والمغفرة وبين الأذى والمن، فقال: (خير من كذا. .)، وأحدهما خير والآخر شر، وإنَّمَا يفعل هذا إذا كانا جميعًا خيرين، فيقال: " أيهما أخير "؟

قيل: معناه - واللَّه أعلم - هذا خير لكم من ذلك، وهو كقوله: (قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ)، أي: خير لكم في الآخرة من اللهو والتجارة، في دنياكم، وإن لم يكن اللهو والتجارة من جنس ما عند اللَّه، فعلى ذلك الأول.

ويحتمل: أن تكون الآية على الابتداء، لا على الجمع: هذا خير، وهذا شر.

قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى -: ووجه ذلك أن الصدقة قربة، وهي خير، فإذا أتبعها الأذى أبطلها، فيكون (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ)، أي: رد جميل للسائل خير من إجابة في البذل، ثم الرد بالأذى؛ لأن هذا يبقى، وإن كان لا ينشفع به الآخر، والصدقة لا، وإن كان ينتفع بها الفقير. واللَّه أعلم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (المن) و (الأذى)، أن يقول للسائل: خذه، لا بارك اللَّه فيه لك.

وقوله تعالى: (وَاللَّهُ غَنِيٌّ)، عن صدقاتكم، (حَلِيمٌ)، لا يعجل بالعقوبة عليكم بالمن والأذى.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٢٦٤) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦)

وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)

المن والأذى: ما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>