للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إن اليهود لما قالوا: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه؛ فأنزل اللَّه - تبارك وتعالى -: قل يا مُحَمَّد: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) وذلك أن من أَحبَّ ملكًا من الملوك يحبُّ رسوله، ويتبعه في أمره، ويؤثر طاعته لحبِّه، فإذا أظهرتم أنتم بغضكم لرسولي، وتركتم اتباعه في أمره، وإيثار طاعته - ظهر أنكم تكذبون في مقالتكم: نحن أبناء الله وأحباؤه؛ لأن من أَحبَّ آخر يحب المتصلين به ورسله وحشمه، والمحبَّة -هاهنا-: الإيثار بالفعل طاعة من يحبه فيما أحبه وكرهه، والطاعة له في جميع أمره، واللَّه أعلم.

وقوله: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ... (٣٢) قد تقدم ذكرها.

* * *

قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧)

وقوله: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ):

اختلف فيه؛ قيل: (اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا) ومن ذكر لرسالته ولنبوته.

وقيل: اختارهم لدينه، وهو الإسلام.

وقيل: اختارهم في النية والعمل الصالح والإخلاص للَّهِ.

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: الاصطفاء: أن يجعلهم أصفياء من غير تكدر بالدنيا، وغيرهم اختارهم لأمرين: لأمر الآخرة، ولأمر المعاش؛ ألا ترى إلى قوله: " إِنَا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ؛ نَمُوتُ مَوْتَ العَئبدِ لِسَيِّدِه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>