للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقوة، في قوله: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً).

والسعة في الأموال بقوله: (بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ).

وفضل العلم بقوله: (وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: الآلاء: هي في دفع البلايا، والنعماء هي في سوق النعماء إليه، ولكن هما واحد؛ لأنه ما من بلاء يدفع عنه إلا وفي ذلك سوق نعمة أخرى إليه؛ ولأن اللَّه - تعالى - ذكر في سورة الرحمن الآلاء بجميع ما ذكر إنما ذكر على سوق النعم إليه قوله: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) حيث قال: (الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)، إلى آخر ما ذكر من السورة، وهو ذكر في سوق النعم لا في دفع البلايا.

وقوله - عَزَّ وَجَلََّّ -: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

أي: تفلحون إن ذكرتم نعمه، وشكرتم له عليها، ولم تصرفوا عبادتكم وشكركم إلى غيره، أو يقول: لكي يلزمكم الفلاح، أو حتى تكونوا من أهل الفلاح.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ... (٧٠)

هذا يدل أن رسالته التي يبلغها إليهم هي دعاؤه إياهم إلى عبادة اللَّه وحده وتركهم عبادة من دونه، حيث قالوا: (أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) ولا شك أنه إنما جاءهم ليعبدوا اللَّه وحده، وجاءهم ليذروا ما كان يعبد آباؤهم.

ثم في قولهم تناقض؛ لأنهم كانوا ينكرون أن يكون من البشر رسول بقولهم: (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)، لم يرضوا برسالة البشر، ورضوا بألوهية الأحجار والخشب، ثم يقلدون آباءهم في عبادتهم غير اللَّه، وفي آبائهم من يعبد اللَّه لا يعبد غيره، وهم الذين نجوا مع نوح، فكيف لم

<<  <  ج: ص:  >  >>