وقيل: اشتق هذا الاسم للعذاب من أفعال من عذب به ليس أنها طاغية، لكن أخذ اسمه عن فعل القوم؛ كقوله تعالى:(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)، وقال:(فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)، وإنما ذلك كله جزاء سيئاتهم واعتدائهم.
ويحتمل أن يكون هذا صفة لأحوالهم التي كانوا عليها من شدة التمرد والعتوّ ومن طغيانهم التكذيب بالحاقة والقارعة، ففيه تخويف لأهل مكة أن سيهلكهم اللَّه - تعالى - إن لم ينتهوا عن التكذيب كما أهلك أُولَئِكَ.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (عَاتِيَةٍ) فتأويلها على ما ذكرنا في الطاغية.
وذكر الكلبي وغيره: أنها سميت: عاتية؛ لأنها عتت على الخزان فلم يطيقوها، وهذا لا يستقيم؛ لأنه لا يجوز أن يوكل الخزان على حفظها، ثم لا يمكنون من الحفظ حتى تعتوا عليهم، إلا أن يقال بأنهم لم يوكلوا بحفظها في ذلك الوقت، فأما إذا وكلوا بحفظها، ثم لا يُجعل لهم إلى حفظها سبيل، فهذا مستحيل، واللَّه الموفق.
وقيل: التسخير: التذليل، أي: ذللها؛ فصيّرها بحيث لا تمتنع عن المرور عليهم في الوجه الذي جعلها عليهم، وأطاعته في الوجه الذي أرسلها، وإنما أرسل الريح على أبدانهم خاصة، لم تهلك شيئًا من مساكنهم؛ كقوله (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا