للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينتهون من آجالهم؛ فيحملهم ذلك على البخل والإمساك.

أو يذكر لما أنه جبلهم، وأنشأهم على الإمساك والمنع في الابتداء، وإن لم تكن حاجة لهم إلى ذلك: ترى الصبيان والصغار من الأولاد يمنعون ما في أيديهم عن غيرهم وإن لم يكن لهم حاجة إلى ذلك، هذا معروف فيهم، وإنَّمَا جبلهم وأنشأهم هكذا؛ ليمتحنهم بالجود والتوسيع، والبخل والتضييق، وإلا كانوا في أصل خلقتهم وابتداء إنشائها على ما ذكرنا أشحة بخلاء وهو أما أخبر، (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا)، و (جَزُوعًا)، (وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) أنشأهم جزوعين عن الألم والمصائب غير صابرين عليها، وكذلك أنشأهم عجولين لا يصبرون على أمر واحد، ولا حال واحد.

ثم امتحنهم على الصبر، وترك الجزع والعجلة؛ فعلى ذلك قوله: (وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا) أي: طمغا بخيلًا ممسكًا مضيقًا، واللَّه أعلم.

ثم ترك ذلك بالامتحان واعتياد ذلك، وخلافه.

* * *

قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (١٠١) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (١٠٢) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (١٠٣) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (١٠٤)

وقوله. عَزَّ وَجَلَّ.: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ).

هذا - واللَّه أعلم. فيما آتاه من الآيات وأمره أن يحاج بها فرعون، وإلا كانت آيات موسى - عليه السلام - أكثر من تسع، كأنها تبلغ عشرين، وتزداد عليها؛ إذ كان في عصاه أربع من الآيات:

إحداها: حيث ضرب بها البحر فانفلق.

والثانية: حيث كان يضرب بها الحجر فينفجر منه عيونًا.

وا الثالثة: حيث ألقاها فصارت ثعبانًا.

وا الرابعة: حيث كانت تلقف حبالهم وعصيهم، وأمثاله، كأنها تبلغ إلى ما ذكرنا، لكنه ذكر تسع آيات بينات التي أمره أن يحاج بها فرعون، وقومه.

<<  <  ج: ص:  >  >>