للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أطاعه؛ كقوله: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)؛ وكقوله: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ)، ونحو ذلك مما يراد به: أولياؤه لا نفسه.

وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦) مبشرًا لمن أطاعه، ونذيرًا لمن عصاه.

والبشارة: هي الإعلام لما يلحق من السرور والفرح في العاقبة بالأعمال الصالحة.

والنذارة: هي الإعلام لما يلحق من المكروه والمحذور في العاقبة بالأعمال السيئة القبيحة.

وقوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧) أي: ما أسألكم على الدِّين الذي أدعوكم إليه من أجر؛ كقوله: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ)، أي: لا أسألكم أجرًا على ذلك حتى يمنعكم ثقل الغرم عن إجابتي؛ فعلى ذلك قوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) كان فيه إضمار، أي: لا أسالكم عليه أجرًا إلا من شاء، ولكن إنما أسألكم أن تتخذوا إلى ربه سبيلا.

أو أن يقول: قوله: (إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) أي: ولكن من أراد أن يتخذ إلى ربه سبيلا أطاعني وأجابني.

ويحتمل قوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ) على تبليغ الرسالة إليكم، وما أدعوكم إليه (مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) فيبرني.

أو أن يكون قوله: (إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) فيوادني؛ كقوله: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).

وقوله: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨) أي: توكل على اللَّه، والتوكل: هو الاعتماد عليه بكل أمر.

وقوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي: نزه ربك وبرئه عن الآفات كلها والعيوب، بثناء تثني عليه وهو التسبيح بحمده.

وقال أهل التأويل: أي صل بأمر ربك، لكن التأويل ما ذكرنا.

وقوله: (وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) أي: كفى به علما بذنوب عباده، أي: لا أحد أعلم بها منه.

وقوله: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ... (٥٩) قد ذكرنا هذا.

وقوله: (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا): قال قائلون: قوله: (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) لما يسأل عنه مُحَمَّد، وذلك أن بعض كفار مكة قالوا: يا مُحَمَّد، إن كنت تعلم الشعر فنحن لك، فقال النبي: " أفشعر هذا؟! إن هذا كلام الرحمن "، فقالوا: أجل لعمر اللَّه إنه لكلام الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>