أحدهما:(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) أي: من بشر مثلهم؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)، وقولهم:(أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا)، كانوا ينكرون الرسالة في البشر ويقولون:(لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ).
والثاني: [(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ)] أي: من دونهم في أمر الدنيا، لما رأوا أنفسهم قد فضلوا في أمر الدنيا دونه، فقالوا:(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا)، وقالوا:(لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)، لم يروا من دونهم في أمر الدنيا أهلًا لذلك على ما ذكر، واللَّه أعلم.
دل هذا القول منهم: أنه قد كان من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه معجزة أتى بها حتى قالوا:(سَاحِرٌ كَذَّابٌ)، علموا أنه رسول اللَّه، لكنهم عاندوا وأرادوا بقولهم:(سَاحِرٌ كَذَّابٌ) وأن [يغروا] أتباعهم عليه، كما [أغرى] فرعون قومه على موسى - عليه السلام - حيث قال:(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ)، وهو - عليه السلام - لم يرد أن